دموع الشمعة الستين...
تاريخ النشر : الأحد , 16 أغسطس 2009 - 10:46 صباحاً بتوقيت مدينة القدس
دموع الشمعة الستين...
أ . د إبراهيم أبو جابر
ستون عاماً خلت، وجرحنا الفلسطيني النازف ينزف داخل الوطن وخارجه، دونما مجيب ولا معين على وقفه.
تاجر بدمنا ومصيرنا الكثيرون، أعداءً وأصدقاء، واعتلى بعضهم العروش وقبض آخرون الأموال، غلة بعد أخرى.. نهش البعض لحومنا، وداس آخرون على كرامتنا، طوردت قياداتنا، انتهكت أعراضنا بلا حراك يُذكر من عالم يدعي رواده الديمقراطية والحرية.
جرحنا ينزف... نعم اليوم كالامس شلالاً.. في غزة وفي الضفة .. حصار جائر وظالم تعيشه غزة، فلا غذاء، ولا دواء، ولا وقود، لا بل ولا حرية، يموت فيه الأطفال، المرضى، والشيوخ ولا حياة لمن تنادي!
نعم.. وآلة الحرب الصهيونية تواصل حصد أرواح أحفاد المهجرين الذين فقدوا وطنهم عام النكبة ولسان حالهم يقول:"عائدون ولو بعد حين، عائدون رغم الجراح".
وهناك.. في الضفة، حواجز وحصار واحتلال، لا بل وجدار فصل عنصري قطع الأرزاق والأرحام، ابتلع أراضي كانت بالأمس تستأنس بأهازيج أصحابها، ويعيشون على غلتها وخيرها.
هناك.. في الضفة أراضٍ تصادر، ومستوطنات تبنى ليل نهار، ومعالم غيّرت، فهوّد المكان، بعدما كان عامراً بأهله وجباله وشجره ووديانه ومراتع الأطفال..
هناك.. في الضفة، آلاف الشباب الأحرار خلف القضبان، تحت الخيام صيف شتاء، أو في زنازين ملعونة وسجون ظالمة، ذنبهم أنهم فلسطينيون أحرار، رفضوا الذل والمهانة فوثبوا كالأسود دفاعاً عن الحمى والوطن..
أما الداخل الفلسطيني فحاله من حال باقي أبناء شعبنا، أصر على البقاء والتجذر في وطنه، فعوقب بوسائل شتى ولا يزال الحبل على الجرار...
الداخل الفلسطيني.. تصادر أرضه، وتهدم بيوت أهله وتمحى قرى بأكملها، ويحارب في لقمة عيشه، لا بل وتحرم قراه ومدنه من ميزانيات الدعم الحكومي، لماذا؟ ليبقى هؤلاء دائماً دون المستوى المدني والحضاري والخدماتي، فزر بالله عليك هذا المجتمع وصف شوارعنا ومؤسساتنا وبنيتنا التحتية والمرافق الحيوية، والتفت الى مستوطنات الجوار وابن معادلتك!!
الداخل الفلسطيني.. عوقب أكثر من مرة، فاستشهدت مجاميع من ابنائه وبناته، لا لأمر الا لقلوب نبضت وأحشاء احترقت وعيون بالدمع ذرفت على إخوانٍ لهم في الضفة وفي غزة وفي الشتات، أهينت كرامتهم وصاحت بأعلى صوتها حرائرهم!!
أما انتم.. نعم انتم يا أهلنا، يا ربعنا في المهاجر، في الشتات، في بلاد العرب كنتم أم الإسلام، في الغرب وفي الشرق، لقد سال دمكم شلالاً ودفعتم الثمن غالياً ولا زلتم، بأيدِ غربية وأخرى عربية، وزلزلت الأرض تحت أقدامكم مرات ومرات، وديست كرامتكم والكل يتفرج في أكثر من موقع، ويتم أطفالكم ورملت نساؤكم .. ولكن كان شعاركم ولا يزال "نموت واقفين ولا نركع".
يا أهلنا.. يا ربعنا، ويا ذخرنا في المنافي صبرتم صبر أيوب وشرّبتم كأس المر والمرار وتآمر على وجودكم ولا يزال تجار، فما لنتم ولا هنتم!!
يا أهلنا في المنافي.. سرقوا أراضيكم، هم !!!، ونهبوا بيوتكم وممتلكاتكم، هم!!! وجرفوا بياراتكم، صبركم، تينكم، زيتونكم، هم!!!، دنسوا مساجدكم، مقابركم، هم !!!، هدموا قراكم، غيروا معالمكم، هم!!!، فلا نامت لهم عين، ولا أشرق لهم صباح!!
لكن، ولو طال الزمان، واشتدت علينا الجراح، وكثرت علينا المؤامرات، تخلى عنا قومنا أو كسرت في أيدينا الرماح، فلا بد من صباح!!
مللنا مؤتمرات وقرارات، مبادرات واتفاقات، تطمينات وتصريحات، شجباً واستنكارات!!
سئمنا ردح الإعلام ووسائله، فضائيات وإذاعات، صحف ومجلات، لأننا عطشى لهواء الحرية!!
يا أمة العرب.. ألم يكفك ما نحن فيه، الم يرو الأعداء من الولغ في دمائنا، والرقص على جراحنا، وتدنيس مقدساتنا وأقصانا، وتقتيل أطفالنا وشيبنا وشبابنا، وهتك أعراضنا!!
يا شعبنا، قف شامخاً، كن صابراً ومؤمناً، لا تركع لظالم، لا تبع وطناً، ولا تتنازل عن حقٍ، ولا تساوم، فالنصر قادم!!!