"هار هبايت"، "هكوتيل همعربي”، "هاكوتيل هاكتان".. عبارة عن لافتات تهويدية باللغة العبرية وضعتها بلدية الاحتلال الإسرائيلي على مداخل وأبواب المسجد الأقصى المبارك، في إشارة خطيرة لقرب إقامة "الهيكل" المزعوم على أنقاضه، ولتمرير "الرواية التلمودية الصهيونية" بالقدس المحتلة.
وكانت بلدية الاحتلال بدأت مؤخرًا بحملة لتعليق ونشر لافتات ضخمة على مداخل وبوابات الأقصى وفي شوارع وأزقة البلدة القديمة باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، كان آخرها على باب المجلس "الناظر".
وتحمل غالبية هذه اللافتات مسميات تلمودية توراتية، مثلًا المسجد الأقصى يعني بالعبرية "هار هبايت" أي "جبل الهيكل"، بمعنى "الجبل الذي سيبنى عليه الهيكل"، وباللغة الإنجليزية "The temple mount".
وأطلق الاحتلال على حائط البراق بالعبرية "هكوتيل همعربي”، وبالإنجليزية ""The western wall، فيما أطلق على "رباط الكرد" بالعبرية "هاكوتيل هاكتان" أو المبكى الصغير.
ولم تكتفي بلدية الاحتلال بتغيير المعالم الإسلامية بالقدس، بل أيضًا قامت بتغيير أسماء الأسواق والشوارع في البلدة القديمة، ووضع لافتات ترقم البيوت، وقد أجرت إحصاءً للبيوت والأبواب والعقارات في كل البلدة، كمقدمة لمحاولة تطويب وتسجيل ذلك في دائرة "الطابو" الإسرائيلية.
خطوة خطيرة
ويصف مدير الإعلام في مؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا تعليق الاحتلال لافتات تحت مسمى "جبل الهيكل" عند مداخل الأقصى من الخارج، وخاصة عند باب المجلس بأنها خطوة خطيرة للغاية، ومحاولة لتهويد المسجد.
وتعتبر هذه اللافتات جزء من المشروع التهويدي الكبير، ومقدمة لمقترحات إسرائيلية للاستيلاء على الأقصى أو مقدمة لبناء كنس يهودية تحت مسميات أن هذه الأبنية جزء من "الهيكل"، وهذا أخطر ما في الأمر.
ويؤكد أبو العطا أن الاحتلال يسعى لتهويد الأقصى وتحويله لهيكل مزعوم، ويحاول الاستيلاء على أجزاء منه من خلال هذه المسميات، بالإضافة إلى تمرير رواية تلمودية يهويدية للأقصى لكل زائر له.
ويسعى الاحتلال أيضًا إلى غسل دماغ الإنسان المقدسي، والتأثير على الوعي الفلسطيني من خلال ترديد واستخدام تلك الأسماء العبرية.
ولكن هناك بعض الهيئات والمؤسسات المقدسية تنفذ عملية توعية وإرشاد للمقدسيين من خلال تقديم شرح وافي بالعربية عن المعالم الإسلامية والحضارية في المدينة، ونشر خرائط حول المصطلحات والمسميات الحقيقية لتلك المعالم والأماكن، وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من الأشخاص، ووضعها على المواقع الإلكترونية.
وبهذا الصدد، يوضح أبو العطا أن بعض المؤسسات المقدسية بدأت بإنتاج أفلام وثائقية حول معالم الأقصى باللغة العربية وما هي مسمياتها الصحيحة.
وتنظر مؤسسة الأقصى بعين الخطورة لتعليق هذه اللافتات على مداخل الأقصى، حيث تدلل جزء من القرائن على أن الاحتلال يصعد اعتداءاته بحق الأقصى ليس فقط في قضية الاقتحامات، بل أيضًا في قضية طمس الحضارة والتاريخ الإسلامي، وتزوير الحقائق والتاريخ.
ويشدد أبو العطا على أن الاحتلال سيفشل في مشروعه التهويدي، مطالبًا الجميع بالتعامل بحذر مع أي اسم عبري، لما له من تبعات خطيرة على الأقصى ومحيطه.
حرب الرواية
ويشن الاحتلال حرب متعددة الاتجاهات في القدس، أخطرها حرب الرواية التوراتية التي يريد تطبيقها على أرض الواقع من جهة، وتدمير التاريخ والجغرافية ومصادرة الأرض باسم هذه الرواية من جهة أخرى. يقول رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات
ويضيف أن الاحتلال بدأ بتغيير معالم القدس حتى وصل إلى بوابات الأقصى من أجل التحضير لمشروع "الهيكل"، حيث يخدم مشروع الرواية "الهيكل"، ناهيك عن وضع رمز يهودي على حساب الأقصى، وخلق طابع يهودي بالمدينة.
ولهذه المخططات مخاطر كبيرة، تتمثل في السعي لاحتلال الأقصى وتغيير الواقع وضرب الذاكرة الفلسطينية العربية الإسلامية، وإضعاف الوجود بالمدينة، ونزع الملكية العربية والهوية الإسلامية عنها وعن مقدساتها، وجعلها عبارة عن هوية يهودية.
ويوضح بكيرات أن الاحتلال يريد خلق واقع احتلالي إحلالي توراتي، وكذلك ترحيل كل العرب واللغة والهوية مستقبلًا، كما أن هذه الإجراءات تهدد السكان المقدسيين.
ولذلك لابد من مواجهتها عبر الصمود ووجود مخطط فلسطيني مقاوم، وأن تقوم الجهات المختصة بوضع لافتات بالعربية توضح أسماء الأماكن والمعالم وتاريخ نشأتها بالمدينة.
ويؤكد أنه على العالم العربي والإسلامي وضع ميزانيات للحفاظ على التراث، وتنفيذ الخطة التي تم تقديمها لمقاومة مشروع الرواية برواية فلسطينية عربية.
حملات توعية
بدوره، يعتبر مدير الآثار والسياحة في المسجد الأقصى يوسف النتشة وضع اللافتات التهويدية بأنها إجراءات غير علمية وغير شرعية وفق القوانين الدولية، وتأتي ضمن مشروع سياسي بامتياز من أجل سلب البلدة القديمة طابعها العربي.
ويقول النتشة إن الاحتلال يحاول استبدال الأسماء العربية في المدينة وعلى مداخل الأقصى وإحلال مسميات عبرية بهدف تهميش التراث العربي الإسلامي، والترويج لأهمية التراث اليهودي القديم.
ولمواجهة هذه الإجراءات، لابد من اعتماد المسميات التاريخية العربية الصحيحة، والعزوف عن استخدام أي مسميات أخرى لا علاقة لها بالتراث العربي، وضرورة توعية الإنسان المقدسي بمخاطر استخدام المسميات العبرية.