أعدّت الحكومة الإسرائيلية خطة غير مسبوقة لتعزيز التواصل مع اليهود في العالم، بهدف منع تحوّل اليهود عن دينهم، ولتقليص مستوى الانتقادات التي توجهها أوساط يهودية للسياسات الإسرائيلية، لا سيما المتعلقة بالصراع العربي ــ الإسرائيلي. وتعدّ هذه الخطة الأكبر التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية للتواصل مع يهود العالم، إذ تبلغ تكلفة تنفيذها مليار شيقل (250 مليون دولار)، علماً أنّ ثلث هذا المبلغ سيتم تغطيته من الموازنة العامة، في حين سيتم تغطية ما تبقى، من تبرعات يقدّمها أثرياء ورجال أعمال يهود في أرجاء العالم.
ونظراً لأن وسيلة التحوّل عن اليهودية هي الزواج المختلط، باعتبار أن اليهودي، وفق الشريعة اليهودية، يولد لأم يهودية، فإنّ خطة الحكومة ستحارب الزواج المختلط بوسائل متعددة. وتتضمن الخطة التي وضعتها وزارة الشتات اليهودي، تنظيم زيارات للشباب اليهودي في جميع أرجاء العالم، وتمويل برامج للقاءات التعارف، من أجل تعزيز فرص الزواج في ما بينهم، إلى جانب إعداد برامج لتعزيز إقبال النشء اليهودي على التعليم اليهودي.
وتشمل الخطة إجراء نقاش واسع مع المعنيين والشباب اليهودي في جميع أرجاء العالم، وشرح سياسات الحكومة الإسرائيلية المختلفة، من أجل محاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من التضامن مع إسرائيل، وفي الوقت ذاته تقليص مظاهر الانتقاد التي توجّهها الكثير من القطاعات اليهودية في العالم لحكومة نتنياهو. يذكر أن عدداً كبيراً من قادة وأعضاء حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS) في الولايات المتحدة هم من اليهود.
وقال وزير الشتات اليهودي والتعليم، نفتالي بنات، إن ظاهرة التحوّل عن اليهودية تتعاظم "بشكل مقلق" في أوروبا خصوصاً. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، عن بنات زعمه أن "تعاظم مظاهر اللاسامية ضد اليهود في أوروبا هي التي تدفعهم إلى التحول عن اليهودية". وكشف وزير الزراعة والاستيطان، أوري أرئيل النقاب عن أن الهدف الرئيسي للخطة، هو إقناع أكبر عدد من يهود العالم بالهجرة إلى إسرائيل.
ونقلت صحيفة "ميكور ريشون"، الأربعاء الماضي، عن أرئيل قوله، إنّه يتوجب توظيف عوائد الغاز المكتشف في إسرائيل من أجل تمويل البرامج التي تهدف إلى إقناع يهود العالم بالقدوم إلى إسرائيل. وتقوم الخطة على الاستعانة بمؤسسات يهودية متطرفة في التواصل مع الجاليات اليهودية في العالم. ونظراً لأن الخطة يشرف على تنفيذها الوزير بنات، الذي يرأس حزب "البيت اليهودي" الديني المتطرف، فقد وقع الاختيار على منظمة "حركة توراة صهيون"، التي يسيطر عليها غلاة اليمين الديني، للتواصل مع الشباب اليهودي.
وكشفت صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر في 13 يوليو/تموز الماضي، النقاب عن أن "حركة توراة صهيون" قامت بتأهيل 40 شاباً من نشطائها ليكونوا مبعوثي إسرائيل في أوساط يهود العالم. ونوّهت الصحيفة إلى أنه سيكون من مهام المبعوثين تقديم دروس دينية في الكنائس التي يؤمها اليهود. وقد تلقّت الحكومة دعماً من قادة المعارضة الإسرائيلية لخطتها، إذ اعتبرها الرئيس السابق لحركة "ميريتس" اليسارية، يوسي بيلين، ضرورية لضمان تواصل اليهودية واليهود في أرجاء العالم.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر، أمس الثلاثاء، قال بيلين إن خطة الحكومة تمثّل "بشرى مهمة ليهود العالم". وأيّد بيلين موقف الحكومة القائل، بأن التحوّل عن اليهودية هو ظاهرة بالغة الخطورة، ما يستدعي العمل بكل الوسائل لمواجهتها، منوّهاً إلى أن إسرائيل تعرّف عن نفسها على أنها "دولة الشعب اليهودي"، ما يفرض عليها العمل بكل الوسائل على تواصل اليهودية في العالم. وشدّد بيلين على أنه يتوجب دعم خطة الحكومة لأنّها تهدف إلى جعل يهود العالم عائلة واحدة مركزها في إسرائيل.
وقد تعرضت الخطة لانتقادات حادة من قبل بعض الأوساط ووسائل الإعلام الإسرائيلية. وأكدت صحيفة "هارتس" في افتتاحيتها، يوم الإثنين الماضي، أنه لا يحق لحكومة إسرائيل توجيه يهود العالم والتدخل في شؤونهم الخاصة، معتبرة أن هذه الخطة تعكس "تعالياً ضاراً" على يهود العالم. وشددت الصحيفة على أنّ الحكومة ليست مخوّلة بإسكات الأصوات المنتقدة لسياساتها داخل الجاليات اليهودية. وشددت على أن أهم مقوّم من مقومات العلاقة السليمة بين إسرائيل ويهود العالم هو الإقرار بشرعية وجود مواقف مختلفة.