لهذه الأسباب احذر التكنولوجيا
لم يعد هناك بيت في غالب البيوت لم تدخله التكنولوجيا بأداة من أدواتها المتعددة، سواء من الحاسوب إلى المحمول إلى الأجهزة الذكية بمختلف أشكالها، وبات الكثيرون يتحدثون إلى تلكم الوسائل أو من خلالها الساعات الطوال على مدار اليوم، ومنهم من لا ينام إلا وهذه الأداة بين يديه وكأنها تسرد عليه قصة ما قبل النوم.
والمتابع لهذه التكنولوجيا يرى أنها نعمة من الله تستحق الثناء أن يسرها لنا ولاستخدامها آمنين مطمئنين، ومن جهة أخرى نرى الكثير وللأسف من لم يحسن استخدامها فكانت لعنة عليه في الدنيا والآخرة ووبالاً، فكان لا بد من التنبيه إلى إحسان استخدامها كأداة شكر لا كأداة جحود وكفر أو صد عن سبيل الله، وهنا نحذر من بعض آثارها التي انعكست سلباً على حياة الأفراد والمجتمع:
1. البعد عن الأهل: وهذه أشهر وأوسع لعنات التكنولوجيا، حيث ترى الشاب أو الفتاة قد أمسك جهازه يقلبه بيديه منشغلا فيه بعينيه دون الاكتراث لمن حوله من أم أو أب أو أخ أو زوج، وترى الأبناء يتحدثون مع آبائهم وأعينهم تدور في هواتفهم وتراه كثيراً من الأحيان يطلب من أبيه أو أمه أن يعيد عليه ما قاله بحجة أنه كان منشغلاً وغير منتبهٍ لما قالوه، وهذا قد يدخل في باب العقوق أحياناً وهو مما لا شك مما يحزن الأبوين وهما يحدثان أحد أبنائهما وهو لا ينظر إليهما ومشغول بهاتفه؛ فترى الوالد منهما يتحدث باهتمام إلى ابنه وابنه ينظر في جهازه ويتبسم لما يقرأ ويشاهد ليكتشف الأب أن ابنه لم يعره شيئاً من اهتمامه.
” أصبحت صفحات مواقع التواصل تضج بأعمال الخير التطوعية والعبادات التي يقوم بها الأفراد”
2. قطع الرحم: حيث إن كثيراً من شبابنا اليوم ينظر لنفسه على أنه مشغول وفي حقيقة الأمر تراه يتصفح صفحة “الفيسبوك” وحدها خلال اليوم لأكثر من ست ساعات، فلا يتفرغ للزيارات والتواصل مع رحمه خاصة إذا تواصل معهم من خلال هاتفه فيظن أنه قد قام بواجب الرحم فلا تراه زار أختاً ولا وصل أماً أو أباً.
3. الرياء: لقد أصبحت صفحات مواقع التواصل تضج بأعمال الخير التطوعية والعبادات التي يقوم بها الأفراد، وهي جهد محمود لكن عليك الحذر من أن يكون همك هو نشرها للناس، وقد يلبس عليك إبليس أن هذا من باب تشجيع الآخرين وحقيقة الأمر غير ذلك، وميزان ذلك تعرفه أنت جيداً فأنت تعلم إذا كان هدفك التشجيع وإيجاد القدوة أو هو طلب الثناء والمدح بين الناس، وتذكر أن الله أغنى الشركاء عن الشرك، فيذهب عملك أدراج الرياح دون أجر.
4. مخاطر أمنية: فصفحات هذه الشبكة مراقبة جيداً، وللأسف يتم استغلالها من قبل بعض الأجهزة الأمنية استغلالاً سيئاً لملاحقة الدعاة ومتابعة نشاطاتهم، حتى أننا سمعنا أن بعض من اغتالهم اليهود كان بسبب ثغرة أمنية من خلال الانترنت.
5. مخاطر اجتماعية: لقد قرأنا الكثير الكثير عن حالات من الابتزاز والفضائح وتركيب الصور خاصة للفتيات، وكانت بداية القصة من فتاة أرسلت صورتها لشاب أحسنت الظن فيه أو نشرت صوراً لها على صفحاتها ليستغلها أصحاب النوايا الخبيثة وغيرهم، فمنهم من يقوم بتعديل الصورة أو تركيبها أو غير ذلك، وكل هذا من القصص التي شاهدنا عياناً ولم نسمع فيها من بعيد.
6. ملهاة عن العبادة: احذر أيها الشاب وأيتها الفتاة أن تجلس الساعات دون الانتباه لعباداتك سواء منها المفروض أو المندوب، فلقد رأينا من شبابنا من ترك الصلاة في المسجد فتراه يقوم للصلاة قبل الفريضة التي تليها بعشر دقائق ليصليها سريعا ومن ثم يعود إلى حاسوبه أو هاتفه وكأنه لم يفعل شيئاً أو لم يقصر بحق الله تعالى.
7. لا تجعل من هذه التكنولوجيا أداة للجدال أو نشر الأكاذيب والإشاعات أو تبادل الشتائم مع الآخرين أو نشر المعلومات الخاطئة أو الأحاديث الضعيفة وغيرها مما نراه اليوم عبر الصفحات المتعددة.
8. تنفيس في غير محله للغضب: ولقد رأينا من الشباب من يقوم بشتم الصهاينة أو الحكام ويلعنهم لعناً كثيراً، ومن ثم تراه يهاجم القاعدين الذين لا يقدمون شيئاً للأقصى أو لا يقفون بوجه الظالم، وكأنه قد أسقط الفرض عنه وقام بواجبه تجاه ربه والأمة من خلال صراخه الصامت الذي لا يسمعه إلا هو ليحَصّل به بعض الإعجابات أو الإطراءات العبثية هنا وهنا، فالكتابة لم تكن في يوم من الأيام واجباً يسقط الفريضة عنا، بل هي جزء من الفريضة، ولا يجوز بحال أن يعتبر نفسه من عبر عن غضبه أنه قد جاهد في الله حق جهاده.
” الكتابة لم تكن في يوم من الأيام واجباً يسقط الفريضة عنا، بل هي جزء من الفريضة، ولا يجوز بحال أن يعتبر نفسه من عبر عن غضبه أنه قد جاهد في الله حق جهاده”
9. تصدير من لا يستحق التصدير: امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالفلاسفة والعباقرة والمنظّرين والأدباء والمفكرين، علماً أن كثيراً منهم لا تقيم كلامه بدراهم معدودة، وقد لا تساوي ثمن ما كتبت به، وللأسف ظن البعض منهم أن مدح أصدقائه له وثناءهم عليه قد صنع منه كاتباً عظيماً مرموقاً، لتراه بعد فترة وجيزة يقول: ورأيي في كذا هو كذا وكذا وهو غير مختص وخالي الوفاض من أدب أو فكر أو علم.
10. التواصل الحرام: وأخيراً احذر أخي الشاب وأختي الفتاة من أن تخوضوا في التواصل المحرم الذي لا يرضي الله والذي يقوم على خدش الحياء الذي يجب أن يرافق الشاب والفتاة أينما كانوا، فكم من فتاة قد لعب بمشاعرها الطيش ومن ثم كانت نهايتها الفضيحة أو الوقوع في الإثم.
وأخيراً تذكر أن هذه التكنولوجيا قد نسخرها لخدمتنا وخدمة أمتنا وقضايانا، وقد يسخرنا غيرنا لخدمة هذه التكنولوجيا لإضاعة وقتنا وإلهائنا ونشر الرذيلة بيننا، والكيّس من استخدم سلاح عدوه ليواجهه به وتنبهَ للخير فيها وتركَ الشرَّ منها.
المصدر : موقع بصائر