الشهيد / أسامة رشيد المدهون
تاريخ النشر : الثلاثاء , 11 أغسطس 2009 - 1:10 صباحاً بتوقيت مدينة القدس
الشهيد القائد/ أسامة رشيد المدهون "أبو صابر"
أحد أبرز قادة كتائب المجاهدين في فلسطين
ارتقا مقبلاً غير مدبراً
قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران140
أيها القادمون من صرخة فلسطين.. كل قيم الجمال تنحني أمامكم... يا من حاولتم أن تسندوا السقف بأكفكم وأسنة رماحكم... محاولين وقف الانهيار والسقوط المدوي لخيار الأحرار... فكان خياركم جهاد وتضحية وعطاء.. وسباق إلى ميادين الشهادة والفداء...
فيا أسامة المدهون يا قمراً يسير بهدي الله... ارتحلت بعد أن قدمت الواجب رغم قلة الإمكانيات، بعد أن خضت أروع قتال في وجه قواتهم الخاصة وجيشهم المهزوم، بفعل إرادتك الصلبة وعزيمتك التي لا تلين... كنت لهم بالمرصاد...
هذا الشاب الراحل عنّا, توقدت بداخله حماسة تتفجر غيّرة على دينه ووطنه وأعراض أمته, لم يرتضى الجلوس في البيت وإخوانه المسلمون في فلسطين يضطهدون صباح مساء, ترك الدنيا وبهرجها الكذاب, ترك الفراش الوثير الدفء, والثياب الفاخرة, فقد أطار عذاب المسلمين العُزل في فلسطين نومه, وباع نفسه ابتغاء وجه الله, فمضى يعرض نفسه في مزاد الله في كافة ميادين "وأسواق" الجهاد علّ الله يشتري منه النفس بالثمن الغالي, وهو الجنة...
فقد رخصت نفسه وتواضع بين يدي الله وهو يرتقي في دنياه الأخيرة, وقد سبق له أن عرض على الله بيع نفسه مرتين سابقتين.
يا لها من حياة يا أبا صابر, وقد عرفناك أسداً جسوراً, لا ترتضي الدنية في دينك, ولسانك دائم اللهج بالدعاء لإخوانك المجاهدين, وأنت القائد الورع التقي, صاحب الوجه المشرق الباسم, الذي إذا ما نظر إليه المرء تذكر صحابة رسول الله, في إقدامهم وتقواهم وورعهم, وفروسيتهم وشجاعته وحبهم للجهاد والمقاومة, والاستشهاد في سبيل الله... فأنت من بعت نفسك رخيصة في سبيل الله, والله اشترى, فربح البيع أبا صابر...
حياته ونشأته:
في أحد أحياء غزة الصامدة, ولد الطفل الكبير أسامة رشيد المدهون في بداية العام 1964م نشأ نشأة الأطفال الكبار, ابن نسل العائلة المجاهدة ,الرابطة على جمرتي الدين والعقيدة, في كنف عائلة عرفت طريق حب الله وعشق سنة رسوله, فكانت من العائلات التي تقدم خيرة أبناءها في الصفوف الأولى لتدافع عن دينها ووطنها ضد أعداء الله من أحفاد القردة والخنازير. فكان الفتى أسامة, الزاهد العابد الذي نشأ وترعرع ينهل من منهل قويم, تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس وكالة الغوث في الكويت وتحديدا في مدينة "حولي".
التحق أبو صابر بالكلية العسكرية الليبية في طرابلس وتخرج برتبة ملازم في العام 1991 ومن ثم التحق بالجهاز الغربي (جهاز الأرض المحتلة) وفي العام 1994 عاد القائد أسامة المدهون إلى فلسطين بعد إبعاد عن حبيبته فلسطين استمرت طويلاً، ليعمل في الأمن الوطني (الحدودية)، ومن ثم انتقل للعمل في الاستخبارات العسكرية، تم ترقيته إلى قائد الكتيبة 12 بالأمن الوطني.
نشأة قائدنا في الفترة التي كانت المقاومة في أوجها فكانت قد انطلقت شرارة المقاومة واشتد عودها فشارك فارسنا في صفوف المقاومة مبكراً فهو العاشق للمقاومة المحب للجهاد.
صفاته وأخلاقه:
أبو صابر من الصعب على الإنسان وصف هذا الفارس، ليس سهلاً أن نتكلم عن أخلاق شهيدنا القائد أسامة المدهون... فقد كان من الشبّان الذين يشار إليهم بالبنان, فهو الرجل الأسيف سريع البكاء, وسريع الغضب لدين الله, كانت تربطه علاقات أخوية قويمة مع إخوانه المجاهدين, ما جعل محبته تنتقل إلى إخوانه ليبادلوه إياها. فأنعم الله عليه بعقل لبيب, مدرك لما يحدث حوله, فتميز بين إخوانه, بسرعته وإتقانه لأكثر من تخصص، فكان يتقنّ فن الحديث كما يتقن فن المقاومة والإبداع, كان رحمه الله يتمتع بصفات القائد الرحيم المقدام, والشجاعة المفرطة كدأب إخوانه في المقاومة الشريفة في فلسطين.
فلا همته تطيق الركون ولا معتقده يريد الاستكانة إلى تهديدات العدو, فكان في كل مرة يأتي لإخوانه المجاهدين بأساليب وأفكار جديدة من اجل تطوير العمل الجهادي, من أجل الإيقاع بالعدو الصهيوني الخسائر الكبيرة, كرد بسيط جراء عدوانه على الأرض والإنسان.
جهاده ومقاومته:
كان قائدنا المجاهد أسامة المدهون من الشباب المبادرين في حقل الجهاد, فلتحق في صفوف الثورة الفلسطينية منذ أن أدرك ما حوله فقد شارك أبو صابر في العديد من العمليات الكبرى التي قامت بها المقاومة في بداية الثمانينات.
وبعد العودة إلى أرض الوطن كان أبو صابر العقيد في الأمن الوطني (الحدودية) ولحبه الشديد للجهاد والمقاومة، فهو أول من اشتبك مع الصهاينة بعد عودة السلطة في 2/5/1995م وأصاب منهم 7 جنود.
ومع بداية إنتفاضة الأقصى المباركة التي شارك بها الجميع في العمل العسكري كان لابد للقائد أبو صابر من صولات وجولات في هذه الثورة العنيفة، هذا القائد التي لا يبخل لدينه ووطنه بشيء فهو التي قدم حياته لأجل الله والوطن، فكان من المبادرين للعمل العسكري على الساحة الفلسطينية.
فكان أبو صابر من أهم مؤسسي لجان المقاومة الشعبية مع أخيه ورفيق دربه الشهيد القائد/ جمال أبو سمهدانه "أبو عطايا".
في كتائب المجاهدين:
التحق أبو صابر في صفوف كتائب المجاهدين مبكراً، فكان كما يقال من الجنود المجهولين الذي يعمل في صمت متواصل، فكان من مؤسسي الكتائب التي يشار لها بالبنان، فهو الفارس المجاهد أحد أعضاء مجلس الشورى في الكتائب.
فقد كان أبا صابر كالأسد الجسور والليث الشامخ والقائد المؤمن، كان يشارك بنفسه في غرفة العمليات الخاصة بالاستشهاديين، وعمل أبو صابر في قيادة وحدات التدريب والتي أبدع فيها فارسنا وقائدنا المجاهد أسامة المدهون، كان مسئول تدريب الاستشهاديين في الكتائب أمثال الاستشهادي محمد رمضان مقتحم معبر بيت حانون والاستشهادي محمد عسلية وغيرهم من الاستشهاديين وقد كانت لأبى صابر بصمة في معظم نشاطات كتائب المجاهدين العسكرية النوعية التي هزت الكيان الغاصب، وقد أشرف شهيدنا على العديد من العمليات المشتركة بين جميع الفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية.
استشهاده:
لأنه لا بد للفارس أن يترجل من على صهوة جواده، ولأنه الفارس المعطاء الذي أحب الشهادة وعمل لها كثيراً، فقد كان موعده مبكراً، فقد لقي الله مقبلاً غير مدبراً، فمع اندلاع الفتنة في فلسطين وعندما اشتد القتال بين الإخوة الفرقاء على الساحة الفلسطينية، هذه الفتنة التي حذر منها الجميع، ففي صباح يوم الثلاثاء 15/5/2007م وعندما كان القائد أبو صابر يسير بسيارته العسكرية في المنطقة الشرقية لقطاع غزة قامت الآليات الصهيونية المتمركزة في منطقة دوار ملكة بإطلاق عدد من القذائف على السيارة التي كان يستقلها أبو صابر ورفاقه فقد ارتكب العدو مجزرة إرتقى ضحيتها أكثر من تسعة شهداء كان أبو صابر أحد هؤلاء الشهداء.
فقد آثر فارسنا وقائدنا أبو صابر بملاقاة العدو الصهيوني والاستشهاد في أرض المعركة على أن يطلق طلقة واحدة في صدور إخوانه من أبناء الشعب الفلسطيني، فقد لقي أبا صابر ربه، ونال الشهادة التي سأل الله عنها كثيراً وعمل طيلة حياته لينالها.
فكانت شهادتك انتصاراً لا انكساراً وكانت من شدة غيظ الأعداء إنهم سارعوا في الإعلان عن خبر اغتيالك، واعتبروا استشهادك صيداً ثميناً بالنسبة لهم.
كلمات الشهيد الشهيرة:
"كم من خطيب لا يستطيع أن يؤثر في الناس بألف خطبة ولا يجذب إلى قلوبهم نحو فكر الجهاد إلا بخطبته الأخيرة التي يسطرها بدمه"