الفدائيون يتفوقون على الاحتلال في المعارك السرية
باتت أجهزة الاحتلال الأمنية وعلى رأسها جهاز المخابرات “الشاباك” تدرك أنها في وضع لا تحسد عليه من خلال افتقارها للمعلومات حول منفذي العمليات الفردية الذين يفاجئونها في كل حين بعملية تزلزل أركان كيانها.
فلا يزال منفذو العمليات يفاجئون الاحتلال وأجهزته الأمنية بعمليات نوعية ينسجون خيوط قصتها بينهم وبين أنفسهم، حتى أنهم ربما لا يطلعون أنفسهم على ما يخططون له، وهذا ما يثير جنون تلك الأجهزة أنها لا تملك أي معلومة مسبقة عن هؤلاء المنفذين ولا عن نواياهم.
وبعد عملية “تل أبيب” الأخيرة التي ضربت الاحتلال في عقر داره وقتلت منه 4 أشخاص وأصابت عددا آخر، أصيب الصهاينة بخيبة أمل من أجهزتهم الأمنية التي بادرت للإعلان أنها لم تكن تملك أية إنذارات ساخنة حول نية فلسطينيين تنفيذ عملية فدائية، وهو ما أخبر به قائد شرطة تل أبيب بعد العملية.
هذه العوامل مجتمعة تجعل من معركة أجهزة الاحتلال الأمنية المخابراتية صعبة، وما يزيد من صعوبة هذه المعركة مع الفدائيين، أن تلك الأجهزة لا تمتلك حلا سحريا لهذه الظاهرة من العمليات الفردية.
كما أن الصهاينة أنفسهم فقدوا الثقة، بحسب محللين ، بقيادتهم السياسية والعسكرية، التي لا تفعل شيئا عقب كل عملية سوى عقد الاجتماعات الطارئة التي غالبا ما تخرج في كل مرة بسلسلة إجراءات لا تقدم ولا تؤخر في سبيل منع عمليات مشابهة.
الفدائيون يتفوقون
المحلل السياسي في صحيفة “معاريف” “ألون بن دافيد”: قال في مقالة له إنه “وفور كل عملية صعبة يعقد رئيس الوزراء “مشاورات أمنية” الهدف الأساس منها هو مجرد وجودها، وإشعار الجمهور بأننا نفعل شيئا ما، وننقل لهم رسالة بأن أحدا ما يعالج الأمور ولا يمر عليها مرور الكرام”.
ويتابع “في أروقة المخابرات الدم يغلي أمام عمليات القتل، ويضاعفون جهودهم للبحث عمن يمكنهم معاقبته، عمن يمكنهم نطحه لتنفيس الغضب، ولكن يصطدمون عندما يفاجؤوا بأن هؤلاء شبان، شبكة محلية، لا تقف خلفهم أي منظمة، ولم يقودهم أحد، لم يمولهم ولم يزودهم بالسلاح، اثنان، وأحيانا ثلاثة، أصدقاء شبان قرروا تنفيذ عملية من تلقاء أنفسهم”.
ويضيف الكاتب، “رئيس المخابرات يعد بالتحقيق منذ الليلة الأولى مع أبناء عائلة الفدائيين للاستيضاح إذا ما كان لديهم شركاء، أو أحد ما كان يعرف بنيتهم، ورئيس الأركان، يقول إنه وبالتوازي مع ذلك سيتم تحديد منازل العائلة كمرشحة للهدم، ودوما سيكون هناك من سيطرح الاقتراح لمعاقبة عموم الفلسطينيين بإلغاء التصاريح أو التسهيلات”.
ويوضح “بن دافيد” أنه “رئيس أركان الجيش يبدو أنه عندما وافق على مثل هذه الإجراءات لم يكن يعلم أنها ستدفع بالمزيد من الشبان الفلسطينيين لتنفيذ عمليات مشابهة، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتساءل، ما الذي يمكن عمله غير ذلك؟ ليس كثيرا، يشرحون له”.
في خضم ذلك كله لم تنجح قيادة “إسرائيل” بحسب الكاتب في جهودها لإيجاد حل لهذه الظاهرة التي بقيت ترافقهم منذ تسعة اشهر، “شبان يشاهدون ما تحويه الشبكة من صور عنيفة تثير فيهم النزعة للانتقام ويقررون القيام بعمل ما، ومع غياب منظمة خلفهم، فإنهم في الغالب لا ينتجون إخطارا استخباريا قبل أن يخرجون لتنفيذ عملياتهم، وهذا ما لم تتمكن أجهزة “إسرائيل” الأمنية من فك شيفرته حتى اليوم”.
يقول الكاتب: “للحظة، في الأسبوع الماضي، كان وهم ما بأن هذه الظاهرة بات خلف ظهورنا وفي حكم المنتهي، فمعطيات العمليات في أيار 2016 كانت أدنى حتى من أيار 2015. ولكن حتى لو كانت ضعفت، فان الظاهرة لن تختفي”.
ويضيف “الجدران العالية التي أقامتها “إسرائيل” على الحدود قد توقف بعض المخربين، ولكنها لا تمنع الأفكار العنيفة من التسلل إلى قلوب وعقول الفلسطينيين، فصور العنف التي يشاهدها هؤلاء الشبان على الشبكة تقترف بحق إخوتهم ستجد دوما المزيد من الشبان الذين سيرغبون في الأخذ بها”.
ويختم الكاتب بالقول: “لا ينبغي التسليم بهذه الأقوال، بل يجب علينا مواصلة القتال ضد هذه الظاهرة، ولكن مع الاعتراف أيضا بأن هذه العمليات سترافق وجودنا هنا دوما، ولشدة الاسف ستبقى ترافقنا إلى الأبد”.
حكومة عاجزة
موقع “والا” الإخباري قال في تعليق سابق على عملية تل أبيب: “إن القرارات التي اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو في أعقاب العملية، كشفت عن افتقاره وحكومته لاستراتيجية تواجه بها العمليات الفلسطينية”.
وأضاف الموقع أنه “على الرغم من الصفة اليمينية التي تطغى على طابع الحكومة الحالية وعلى الرغم من دخول زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” “أفيغدور ليبرمان” للحكومة إلا أن شيئا لم يتغير على العجز المستمر لديها في مواجهة الشبان الفلسطينيين”.
وأفاد الموقع أن هذه العملية كشفت عن خيبة أمل لدى الإسرائيليين من أن الحكومة الحالية غير قادرة عن تحقيق الأمن لهم، وأن حياتهم مهددة أينما توجهوا حتى لو كانوا داخل أروقة الحكومة ومراكز الجيش.
وقال الموقع: “إن انضمام ليبرمان إليها لم يغير من المعادلة على الرغم من تهديداته السابقة إن أصبح وزيرا للجيش، مشيرة إلى أن ليبرمان اتخذ نفس الموقف الذي كانت تتخذه الحكومة سابقا بعد كل عملية.