قالت مصادر أمنية رفيعة المُستوى في حكومة الاحتلال، اليوم السبت، إن " الهدوء الذي تمكّن جهاز الأمن العّام وشعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش (أمان) خلال عامٍ، تدّمر أمس الجمعة على وقع الانتفاضة الشعبيّة الفلسطينيّة".
واعتبرت المصادر لصحيفة هأرتس، عملية "حلميش" تحصيل حاصل، كون ان عملية القدس، التي قام بتنفيذها ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم، أدخلت المنطقة برمّتها إلى حالةٍ من الدوران والتصعيد، مُوضحةً أنّ" التحذيرات التي أطلقتها الأجهزة الأمنيّة من امتداد أعمال العنف إلى الضفّة الغربيّة المُحتلّة"، قد تحققت .
ولفت محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، إلى أنّه قبل حوالي السنتين حذّرت شعبة الاستخبارات العسكريّة من تطوّرٍ إستراتيجيٍّ ووضعت هذا التحذير أمام المستوى السياسيّ، مؤكّدًا على احتمال اشتعال الضفّة الغربيّة.
وشدّدّ على أنّ التحذير تحقق تقريبًا لولا الجهود التي بذلتها المخابرات بالتعاون وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة التابعة لسلطة رام الله، وبالتالي، فإنّ الوضع في الضفّة الغربيّة بقي إلى حدٍّ ما تحت السيطرة، ولكن على وقع التطورات الأخيرة في الأسبوع الماضي، قال هارئيل، نقلاً عن مصادره الأمنيّة، فإنّ التحذير الإستراتيجيّ، بتصعيدٍ خطيرٍ للاستخبارات العسكريّة ما زال قائمًا، ليس في الضفّة الغربيّة فحسب، بل في الدول المُجاورة للدولة العبريّة، على حدّ قوله.
واكدت الصحيفة العبريّة، على أنّه من الصعب القول: كيف ستنتهي الأزمة حول الحرم، لكن الأيام الأخيرة أثبتت أنّ صاحب السيادة الحقيقي في الحرم ليس إسرائيل أوْ الأردن أوْ الأوقاف، بل هم الفلسطينيون المقدسيون.
واضافت : لقد حاول الإسرائيليون اختبار المجتمع الفلسطيني في القدس عبر المسّ بنقاط ضعفه (أيْ الفقر، انعدام القيادة، مفاسد الاحتلال، هدم المنازل ومصادر الأراضي)، لكنّ الفلسطينيين في الأيام الأخيرة حققوا انجازًا غير مسبوق، فمن دون استخدام العنف فرض المقدسيون مقاطعة غير مسبوقة للدخول إلى نطاق الأقصى، وحشروا "إسرائيل" في زاوية خطيرة تدفعها إلى التراجع عن قرارها وفتح البوابات الالكترونية.
وتابعت قائلةً إنّه في فكر الفلسطينيين المقدسيين، حماية الأقصى هي أصل وجودهم. وفي نظرهم، الأقصى هو أكثر من مجرد رمز وطنيٍّ أوْ دينيٍّ، هو المكان الذي لا يتحرر فيه الفلسطيني المقدسي من عبء الاحتلال. ففي معظم ساعات اليوم، لا نرى في الحرم أي وجود إسرائيليّ، خصوصًا في المنطقة الخضراء المفتوحة الأكبر في شرقي القدس.
وهذا الأمر، وفق الصحيفة العبريّة، يشير إلى أنّ أيّ تهديد بتغيير الأنظمة في هذه المنطقة سيشكل خطرًا على هوية المقدسيين وحياتهم اليومية، إذ قال احد سكان منطقة سلوان إنّ الناس لا يسألون كيف حالك أوْ كيف حال الأطفال، بل يسألون ماذا يحصل في المسجد.
اوضحت الصحيفة أنّه في اليوم الأول من المقاطعة، أطلقت دائرة الأوقاف رسالة مزدوجة، الإدارة المدنية للأوقاف التابعة للأردن، طلبت من عامليها الدخول إلى الحرم والمرور بالبوابات. فيما أمرت القيادة الروحية، أيْ الشيوخ المقدسيين، بعدم العبور بالبوابات. اختار عمال الأوقاف حينها إطاعة القيادة الروحية والضغط عليها من الشارع لمقاطعة المكان، ومنذ ذلك الوقت والحرم فارغ تمامًا، وستصمد المقاطعة بل ستتعاظم في الأيّام القريبة القادمة
وخلُصت الصحيفة إلى القول: يبدو أنّ مَنْ اتخذ قرار إقفال البوابات الالكترونية يجهل التاريخ ولا يعرف أبعاد ما يقوم به، الأمر الذي يثير القلق في هذه الأزمة، على حدّ قولها.
من جهته كان قد كتب مراسل القناة الثانية لشؤون القدس، يارون أفراهام، الأربعاء، قيل أن القدس على وشك الغليان، ويبدو أن كثيرين في الجهاز السياسي "يفضلون أن يغلي السخان على أن يكونوا أول من يفصله عن الكهرباء"، حيث أن نتنياهو، وبعد ثلاثة مداولات متتالية أجراها، قرر في نهاية المطاف إبقاء البوابات الإلكترونية كـ"رد صهيوني ملائم".
واعتبر أن تصريح نتنياهو، لدى مغادرته البلاد متوجها إلى باريس، على متن الطائرة بأنه هو من أصدر التعليمات بنصب البوابات الإلكترونية، جعل القرار في الإطار السياسي، بدلا من أن يكون في الإطار