تاريخ النشر : 2011-07-20
الذكرى 912 لاحتلال القدس
الذكرى 912 لاحتلال القدس
نقف اليوم بين ذكرى مهمة... وصفحة من صفحات التاريخ... ربما تكون مؤلمة لهول ما جرى فيها، لكنها كانت المنعطف الأخير لنشوء التجديد والتوحيد من المسلمين.
في تلك الفترة من التاريخ (القرن الخامس هجري) كانت الأمة في تمزق وانحطاط شديدين. فقد كانت الخلافة العباسية آنذاك في مرحلة سوء التسيير, حيث كانت خلافة شكلية ولم يكن لها أي تأثير في الأقطار الإسلامية الممتدة من خراسان شرقاً إلى المغرب غرباً. إضافة إلى ذلك فإن تلك المرحلة تميزت بظهور فرق بعيدة كل البعد عن الإسلام مثل القرامطة والإسماعيليين, وقد ساهمت هذه الفرق بشكل كبير في انحطاط دولة الإسلام, وكنتيجة لذلك ظهرت أحداث مؤلمة وشنيعة هزت كيان الأمة وأذهبت ريحها.
فعلى سبيل المثال:
- ارتكاب مذبحة في الشهر الحرام وفي بيت الله الحرام على يد القرامطة وسرقة الحجر الأسود والاحتفاظ به لمدة 22 سنة.
- هدم كنيسة القيامة الموجودة في القدس على يد الفاطميين (فرقة ضالة أسست لنفسها دولة في المغرب العربي وانتقلت بها إلى القاهرة واتخذتها عاصمة لها).
- الاغتيالات السياسية لكثير من قادة ومشاهير الإسلام في ذلك الوقت, مثل عماد الدين زنكي, على يد الحششاشين (فرقة اسماعيلية).
وما زاد من ضعف حال المسلمين واهتزاز كيان الأمة أن ضعفت دولة الإسلام في الجزء الغربي منها ألا وهي الأندلس والتي انقسمت إلى 22 دويلة بفعل الصراعات الداخلية, وأصبحت كل دويلة تسعى للسيطرة على الأخرى باتخاذ كل السبل ولو بالتحالف مع الصليبيين ضدها.
كل هذه المشاهد وتلك ساهمت في الركود العام للمسلمين, ووجهت أطماع الصليبيين نحو أراضيهم, ومهدت لدخولهم وبدء حملاتهم الصليبية. فكان من نتاج الحملات على المسلمين أن احتلوا العديد من مدن الإسلام أهمها على الإطلاق مدينة القدس, التي احتلوها في 22 شعبان 492هـ الموافق لـ 15/07/1099م.
يذكر أن الصليبيون دخلوا إلى مدينة القدس عن طريق شواطئ فلسطين وشمالها عن طريق السواحل اللبنانية والمدن الشمالية ووصلوا إلى بيت المقدس وحاصروا المسلمين على جهتين واحدة من قبل جبل صهيون والثانية من عند الساهرة وحوصرت أكثر من 40 يوماً.
وتحصن الحاكم افتخار الدولة والذي عين من قبل الدولة الفاطمية في محراب داود (قلعة داود أو قلعة هيرودس) ولبث فيها ثلاث أيام وبعد ذلك تراسل معهم افتخار الدولة سرا بأن يسلمهم المدينة ويتركوه هو ومن معه وكان له ذلك فسلمهم المدينة المقدسة في 15\7\1099 وهرب منها هو ومن معه ليلاً.
وبذلك سلم عار الأمة (افتخار الدولة) المدينة سرا للصليبيين ومنحهم القدس مقابل أن ينجو هو ومن معه.
بعد ذلك دخل الصليبيون المدينة ودخلوا المسجد الأقصى وقد اجتمع فيه جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم وشبابهم ممن فارق الأوطان ورابط في المسجد الأقصى يذود عنه ويفديه بالغالي والنفيس ويقدمون له الأرواح رخيصة على أسواره.
وفور دخول الصليبيين المدينة انتشر الهلع بين سكانها, والتجأ 100 ألف من أهالي المدينة إلى المسجد الأقصى واحتموا داخل أسواره. فحاصرهم النصارى من كل الجهات, ومن ثم أصدر الحاكم النصراني الأمر بالذبح حيث تم ذبح 70 ألف مسلم بين أطفال ونساء وشيوخ.
يقول أحد الكهنة الذين حضروا المشهد: "أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان حتى صارت الجثث تعوم على الدماء, وصارت الأيادي والأرجل تسبح, وما عاد الجنود يطيقون رائحة البخار التي تخرج من الجثث".
ويقول نفس الكاهن نقلا عن أحد شهود العيان: "ما استطعت أن أشق طريقي بين الجثث إلا بشق النفس, ووصل الدم إلى الركب".
وبعد ذبح المسلمين حول الصليبيون المسجد الأقصى إلى أجزاء:
· جزء حولوه إلى كنيسة,
· وجزء حولوه إلى مساكن للفرسان,
· وجزء آخر إلى مستودع للذخائر,
· وأجزاء أخرى إلى إسطبلات لخيولهم.
بعد كل هذا المشهد الأليم التي تحتل ديار الإسلام ويباد أهلها وتستباح مقدساتها. ولكن هذا لا يأتي من فراغ, ولا يأتي من قوة العدو ومن جبروته بقدر ما يأتي من ضعف في المسلمين.
إن ما نقرأه من التاريخ وما نشاهده في يومنا الحاضر وما سيشهده المستقبل القريب يجعلنا ندرك حق الإدراك بأن هذه المدينة هي محل صراع دائم.
فبالأمس احتلها الصليبيون وعاثوا فيها فساداً, واليوم هي في قبضة الصهاينة الذين أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ولا يزالون. لكن ما عسانا إلا أن نقول مثلما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم: {وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}.
وقوله تعالى في آية أخرى: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
فوعد الله آت لا محالة وما بقي لنا إلا أن ندرك سنن الله في الكون، وأن نستمسك بديننا الحنيف، وأن نعمل لإعادة مجدنا المطلوب وحقنا المسلوب ومجتمعنا المنشود بإذن الله.
{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}.
نسأل الله تعالى أن يعز الاسلام والمسلمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتائب المجاهدين
جهاز التعبئة والإرشاد