بقلم أ. جلال الاغا.
نتساءل اليوم لماذا عمل قادة الكيان الزائل بإلصاق العمليات الأخيرة لعناصر من داعش على حد توصيفه، رغم انه لم يثبت بالدليل القاطع أنهم يتبعون لداعش ومع تشكيك الصحافة العبرية برواية الأجهزة الأمنية.
أولاً: يحاول قادة الاحتلال وضع الكيان المؤقت في مصاف الدول التي تتعرض لاعتداءات داعش وبالتالي يظهر بمظهر المظلومية وينال استعطاف العالم، بدل تلقي اللوم على استمرار الاحتلال والتصفية العنصرية التي يقوم بها ضد شعبنا.
ثانياً: محاولة من الكيان العنصري استغلال الصورة النمطية السيئة لداعش من المنظور العالمي والعمل على تجريم العمليات الفدائية بإلصاق تهمة الإرهاب لشعبنا ومقاومته، فالعالم قد يتقبل مقاومة الشعوب لمحتليهم ولكنه لن يتقبل جماعات تنتهج وتُصنف بالأعمال الإرهابية.
ثالثاً: تخفيف من وقع العمليات وذلك من خلال محاولة إبعاد فصائل المقاومة عن تبني وتشجيع مثل تلك العمليات البطولية إذا أخذت طابع "غير مقاوم أو غير وطني"؛ وبالتالي يُخفض من محاولات فدائية مشابة مستقبلا.
رابعاً: يحاول إظهار أن من يقوموا بتلك العمليات إنما يقمون بها من دافع التطرف وبدعم خارجي وليس من دافع وطني مقاوم للمحتل وكرد فعل طبيعي للتمييز العنصري والتهجير القسرى والتضييق الممنهج الواقع عليهم.
وهذا يساعد أجهزة أمن الكيان لشن عمليات تصفوية خارج الكيان وبمبررات مقبولة وبتعاون وتنسيق أمني عربي.
خامساً: أراد قادة الاحتلال من هذا الإعلان إلى ترسيخ أن الأحداث الأخيرة تقع بدون توجيه ومباركة من فصائل غزة؛ وبالتالي عدم إعطاء غزة ورقة قوة ضاغطة على المحتل في ساحات جديدة ظن الاحتلال أنه حسم أمرها، خاصة بعد تشكيل الهيئة الوطنية لدعم ومساندة فلسطيني الداخل المحتل، فمن أساسيات الإحتلال العمل على عدم وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده سياسياً ووطنياً وجغرافياً.
رغم رغبة قادة الكيان وسعيه الدائم لربط مقاومة غزة بالارهاب الدولي في محاولة منه لعزلها وتجريمها؛ كي تكون في موضع الدفاع عن نفسها وليس في موضع المبادرة في قيادة الامة لتحرير باقي ارضنا.
أيضاً: تتزامن هذه العملية مع انعقاد ما يُسمى (قمة النقب) التطبيعية، ليقوم قادة الكيان المؤقت بالإعلان أنها تتبع (لداعش) مستثمراً ومستغلاً ذلك التزامن والتوقيت لتشجيع ودفع الوزراء الحاضرين في القمة لشجب هذه العمليات كون بلادهم قد تعرضت لعمليات إرهابية سابقاً، وأتوقع أن يعمل الكيان إلى إعادة تفعيل عمليات تحت مسمى (داعش الارهابية) في تلك الدول العربية كما في السابق؛ ليكتمل التحالف فيما بينهم وليصّوغ لهم تطبيعهم معه.
أخيراً خطورة هذا الإعلان هو استغلال قادة الكيان الاحلالي تلك العمليات كمبرر لتهجير والضغط على عرب الداخل المحتل، واستباقاً للأمور التي تتوقع زيادة العمليات خلال شهر رمضان، وقد يسعى الى اتهام حركات الاسلامية والمؤسسات الفلسطينية في الداخل بدعم تلك العمليات من أجل الحد من نشاطاتها الفاعلة في المحافظة على الهوية العربية الفلسطينة لعرب الداخل المحتل.
للأسف أن بعض (الاعلام العربي) يتساوق متعمداً مع الرواية الصهيونية وخاصة تسليط الضوء على نشاط داعش ومحاولة ربط غزة بذلك وتضخيم الأمر ونسج القصص المفبركة لشيطنة غزة ومقاومتها، كي لا يكون هناك معركة سيف قدس جديدة لحماية الاعتداءات على المقدسات.
إن هذا الكيان المؤقت والوظيفي يسعى بكل خبث لتفيت الأمة وعدم اتحادها في محاولة يائسة ليُطيل من عمره قدر المستطاع، ولم يدري أن وعد الله نافذ ولو كره الكارهون والمتصهينون.