تاريخ النشر : 2011-09-23
علاج الوسوسة
علاج الوسوسة
بسم الله والحمد لله... أما بعد،،،
فهذه الأمة التي نتشرف بالانتساب لها، هي خير أمة أخرجت للناس، و هي الأمة الوسط بين الأمم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} "البقرة: 143" فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفو، ولا إسراف ولا تقصير، وبينما يتهاون النصارى في أمر النجاسات ويتباهى الواحد منهم بأنه أربعين سنة لا يغتسل، نجد اليهود على العكس والنقيض، فالواحد منهم إذا أصابت النجاسة ثوبه يقرضه بالمقرض، ومن رحمة الله بهذه الأمة رفع الآصال والأغلال التي كانت من قبلنا، وشرع لنا سبحانه شرعاً محكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, ومن أعظم سمات هذه الشريعة المطهرة اليسر والتخفيف ورفع الحرج قال تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} "سورة البقرة: 185"، وقال {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} "سورة الحج: 78" والمتتبع لنصوص الشريعة وأحكامها يجد علاجاً ودواءً لحالات الوسوسة التي تنتاب الكثيرين فمثلاً الثابت بيقين في العقائد والأحكام لا يزحزحه الشك ولا الوسوسة، فالإنسان يدخل في الإسلام بنطقه بالشهادتين باتفاق العلماء ثم يؤمر بالتزام أحكام الشرع التكليفية، وقد يعرض له الشيطان بخواطر الشر والسوء فلا تضره بإذن الله، ومن ذلك أن البعض ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: إنا لنجد في أنفسنا ما لو خررنا من السماء إلى الأرض لكان أهون علينا من أن نتحدث به، وقال البعض لأن أكون حممه، وذلك يوضح مبلغ المعاناة وحرصهم على معاني الإيمان، وعدم إفصاحهم عن الوساوس التي انتابت نفوسهم ومجاهدتهم في رد ودفع هذه الخواطر السيئة، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: (أو قد وجدتموه، ذلك صريح الإيمان)، وقال الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "وقال أيضاً: (قل آمنت بالله) وقال ابن عباس رضى الله عنهما لمن وجد مثل ذلك قل "قل هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم" وكأن الإنسان مع سيره في طريق الإيمان لابد وأن يجد مثل هذه الخواطر أو الوساوس فالشيطان قطع عهداً على نفسه ليتخذن من العباد نصيباً مفروضاً، وهو قد فرغ من اليهود والنصارى بإيقاعهم في الكفر ولذلك لا يوسوس لهم أما بالنسبة للمسلم إذا هم بطاعة ربه أجلب عليه الشيطان بخيله ورجله، فيحدث معه مثل هذه الصورة التي عرضت للأفاضل، وتخوفوا على أنفسهم بسببها، إلا أنهم لم يذكروا هذه الخواطر لأحد ولم يعتبروها مشاعر وأحاسيس صادقة أو وجدنات فياضة كما يعبر بعض من لا خلاق له ولا دين عنده، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من وجد ذلك أن يقول (آمنت بالله) وبين أن ذلك صريح الإيمان، فهذه الوساوس لا تضر الإنسان طالما اعتصم بحبل الله المتين وبذكره الحكيم {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} "سورة آل عمران: 101" وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} "سورة الأعراف: 201" يتذكرون أمره ونهيه ووعده ووعيده سبحانه، فيحدث لهم ذلك تبصرة فعلى العبد أن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأن ينشغل بذكر الله، فقد قالوا: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فيحافظ على تلاوة القرآن الكريم والأذكار الموظفة، كأذكار الشروق والغروب والنوم، ولا يعقد مناظرات مع الشيطان فكلما فرغ من شبهة أجلب عليه بشبهة أخرى حتى يرهق عقله، فينصرف ولو إلى أمر مباح، ويعلم الخواطر قد عرضت لمن هو أفضل منه، ولن تضره بإذن الله إذا قال آمنت بالله، فذلك صريح الإيمان، والحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا انتقلنا إلى دائرة الأحكام وجدنا المسألة لا تختلف فلا عنت ولا مشقة ولا حرج ولا مبرر للاسترسال في الوساوس التي تنتاب البعض، ومن ذلك مثلاً أن الثابت بيقين لا يزحزحه الشك، فلو تيقن الإنسان الطهارة وشك في الحدث، فيطرح الشك ولا يلتفت له ويبنى على اليقين وهو الطهارة، أما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة، فعليه أن يجدد طهارته. يعفى عن يسير النجاسة التي يشق التحرز منها، كما يحدث في الاستجمار بالأحجار، فقد يتبقى أثر النجاسة فلا يلتفت له ولا يعول عليه، وكذلك المرآة إذا أصاب ثوبها دماء الحيض فإنها تغسله، وقد يتبقى أثر الدم بالثوب فيعفى عنه ولا حرج في الصلاة به، ولما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع النساء بذيولهن، قال: يرخينه شبراً، قيل: إذاً تنكشف سوقهن، قال: يرخينه ذراعاً لا يزدن عليه، وقد تمر المرآة على نجاسة وتصيب ثوبها إلا أن ما بعده يطهر ما قبله، فلا داعي للوسوسة في مثل ذلك، وليس العلاج في تقصير ثوب المرآة، ولا يجوز الاعتراض على من أطالت جلبابها على النحو المذكور، فالمرآة مأمورة بالصيانة والتحفظ والتحجب والتستر، وإذا ورد شرع الله بطل نهر معقل فهل من يعقل. وكذلك يقولون العبرة بالظهور لا بالشعور، فالإحساس بالاحتلام لا يترتب عليه عمل حتى يرى أثر المنى، فإن لم يظهر أثر للمني فلا اغتسال عليه، والمرآة قد تشعر بخروج دماء الحيض ولا تمتنع عن الصلاة والصيام ولا تأخذ حكم الحائض حتى يظهر دم الحيض. وقد يسمع الإنسان أصواتاً بالبطن فلا ينصرف من الصلاة، ولا يجب عليه تجديد الوضوء حتى يسمع صوتاً أو يشم ريحاً يستيقن به خروج شئ من السبيلين (القبل والدبر) وقد لا يكتفي البعض بالاستنجاء بالماء بعد التبول ويظل يمشي ويتنحنح ويمكث على ذلك وقتاً طويلاً قد يفوت به وقت الصلاة، ولا داعي لمثل ذلك، فالبول كاللبن في الضرع إن حلبته در وإن تركته قر، فبعد الاستنجاء ينقطع البول مباشرة عند الشخص السليم، فلو استمر البول بعد ذلك دل الأمر على حالة مرضية وحينئذ يعامل معاملة أهل الأعذار، فأصحاب سلس البول والمستحاضة "التي ينقطع عنها الدم" وأصحاب انفلات الريح والمذاء يتوضئون بعد دخول الوقت ويصلون به الفريضة وما شاءوا من النوافل حتى دخول وقت الفريضة الثانية، مع وضع حفاظ يمنع تلوث الملابس متى استطاع، ولا حرج على هذه الأصناف، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، وفى الحديث "هلك المتنطعون، و جاء" لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم" حسن رواه أبو داود وغيره. وقد نهانا سبحانه عن الغلو في الدين فقال: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} "سورة المائدة: 77". ويكره الإسراف في استخدام الماء ولو كنت على نهر جار، وقد كان الإمام أحمد رحمه الله إذا أراد أن يتوضأ طلب من بعض إخوانه أن يستره، كراهية أن يساء به الظن لقلة استخدامه الماء، وكانوا يتوضئون بالمد ويغتسلون بالصاع، وأقل الغسل مرة وأكثره ثلاث، فمن زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم، وبعض أهل الوسوسة لا يكتفي بذلك بل قد يستخدم برميلاً للمياه ويظل يتوضأ ربع ساعة أو أكثر ويفتح صنبور المياه على يديه، بل ينغمس في البحر وما شابهه ويشك هل أصابه الماء أم لا و يصيبه الوسواس، فلعل الماء لم يصل لهذه البقعة أو لتلك، الأمر الذي يدل على أنه قد صار مغلوباً على عقله مقهوراً على فعله، فإذا وصل إلى هذه الحالة رفع عنه قلم التكليف وفي الحديث (رفع القلم عن ثلاث: المجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ ) رواه أحمد وأبو داود. وقد شاهدت من غلب عليه الوسواس في طلاق امرأته وكان يحبها بشدة ويتخوف فراقها، ويكثر السؤال عن حديثه مع نفسه وهل وقع به الطلاق أم لا، كما شاهدت أيضاً رجلاً ظل يمسح الملعقة المغسولة ثلاثاً وثلاثين مرة وقد شد انتباهي بطاعة الملعقة ثم قيامه بمسحها المرة تلو الأخرى، كما سمعنا وشاهدنا كثيراً حالات الوسوسة في الطهارة والوضوء، ولن نعدم التناقض الصارخ عند بعض هؤلاء فبينما تصف بعض السلوكيات بأن مؤداها الحيطة والحذر أو توهم التقى والورع تجد التفريط في الواجبات وارتكاب المحرمات التي لا يختلف عليها أحد، كحالة أهل الكوفة قتلوا الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يذهبون يسألون عن دم البعوض وهل هو نجس أم لا. والوسوسة في النية في الصلاة والصيام كثيرة، وهذه النية محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها لا على جهة الجهر ولا الإستسرار فهذا معدود من جملة البدع، فتجد البعض قبل دخوله الصلاة يرفع صوته، ويقول نويت أصلى الظهر أربع ركعات مؤتماً بإمام مقيم، وقد يزيد عليه الثاني ويخطئ بعضهم بعضاً ويتخوفون هل قالوا هذه اللفظة أم لا، وهل تصح الصلاة بهذه الصيغة أم تبطل!!! وكلهم مخطئ في نفس الأمر، بل قد صار الكلام على النية أشبه بالألغاز عند الموسوسين رغم وجوبها فما يكاد الموسوس يسمع عن تبييت النية في الصيام مثلاً إلا وتنتابه الحيرة الشديدة ويتخوف لعله لم يبيت النية في بعض الأيام أو لعله تحولت نيته أثناء الصيام، والأمر سهل يسير بإذن الله لا معاناة فيه، فبهذه النية وبدون تلفظ نفرق بين المشروع والمباح، وبين الحلال والحرام، وبين الواجب والمستحب، وبين الواجب والواجب، فالإنسان قد يمسك عن الأكل والشرب ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس بل إلى أزيد من ذلك بنية الانتحار وهذا فعل محرم والثاني قد يمسك بنية إنقاص الوزن وهذا مباح ما لم يتضرر والثالث قد يمسك بنية صيام الاثنين والخميس والرابع قد يمسك بنية صيام رمضان أو كفارة يمين أو نذر. ثم في نهار رمضان قد يشتهي الإنسان الطعام الطيب فلا يفسد صومه، أما من عقد العزم على الفطر فقد وقع صومه باطلاً ووجب عليه القضاء وخصوصاً عندما يتواكب ذلك مع قول أو فعل كحالة من يتشاجر فيقول: سأفطر فمثل هذا يجب عليه القضاء حتى وإن لم يأكل، ففي الحديث "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم أو تعمل به"، وللوسوسة قد تحدث في إخراج الحروف وفي التلاوة والترتيل حتى يحمر الوجه وتنتفخ العروق والأوداج ويكاد العبد يختنق بسبب عسر الوسوسة الذي يتنافى مع قوله تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} "سورة القمر: 40" وصاحب الوسوسة يظل يتخوف لعله لم ينطق بهذا الحرف أو لم يخرجه من مخارجه الصحيحة فتبطل بذلك صلاته!! ولو علم يسر الشريعة لما استدخل المشقة والحرج على نفسه، فالفاتحة هي الواجبة في الصلاة وما من آية من آياتها إلا وقرأت بأكثر من قراءة بحيث يندر وقوع اللحن فيها كما وضح شيخ الإسلام ابن تيميه، ككلمة الصراط تقرأ السراط والزراط، وكلمة ملك قرأت مالك أيضاً، وكلمة عليهم، تقرأ عليهٌم، عليهمٌ. وهذا من رحمة الله بعباده، والإنسان قد لا يحسن أخذ شئ من القرآن ولا يحفظ التشهد فيقرأ مكانها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وذلك حتى يتعلم وليس له أن يترك الصلاة، والماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، والصلاة التي يغلب عليها الوسواس لا يؤمر العبد بإعادتها حتى وإن خرج منها بنصفها أو ثلثها أو عشرها، إذ سماها النبي صلى الله عليه وسلم، وليس للمرء إلا ما عقل من صلاته، ولم يأمر صلوات الله وسلامه عليه بإعادة هذه الصلاة كما ورد في مجموع الفتاوى. ولا شك أن التفقه في الدين ومعرفة السنن سبيل قوى للخروج من دائرة الوسوسة، فالمسلم الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويحرص على متابعته ويعلم أنه على الحق المبين والصراط المستقيم وأن أكمل وأشرف مخلوق وأنه لا يحل مخالفته ولا يتصور الهدى في غير طريقته قال تعالى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} "سورة الشورى: 52" وقال {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} "سورة النساء : 115" وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} "سورة النور: 63". من علم ذلك لابد وان يجاهد نفسه في التزام السنن {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} "سورة العنكبوت: 69". وأن يدور مع الشرع حيث دار فمثلاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع" متفق عليه، فهذا القدر الوارد في السنة يكفي واعتقاد غير ذلك يستوجب المراجعة للنفس لا التمادي معها.
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة" رواه البخاري ولم يزد على ثلاث وأخيراً من زاد عليها فقد أساء وتعدى وظلم فليس من الورع ولا من التقوى الزيادة على الثلاث وعلينا أن نسمى الأشياء باسمها. وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل هو وعائشة رضي الله عنها من قصعة بينهما فيها أثر العجين" متفق عليه، فمن فعل ذلك فقد أحسن ولا إنكار عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان الرجال والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضئون من إناء واحد" رواه البخاري، فتوهم النجاسة مطروح لا يلتفت له.
وقال الإمام أحمد: من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء، وكان رحمه الله يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى. وقيل له: نزيد على ثلاث في الوضوء؟ فقال: لا والله إلا رجل مبتلى. وقد روى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن مغفل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء".
وروى مسلم من حديث عثمان بن أبى العاص قال: قلت يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي يلبسها على فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً ففعلت ذلك فأذهبه الله تعالى عني. وفي الحديث: (إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فيأخذ بشعره من دبره فيمدها فيرى أنه قد أحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) رواه أحمد وأبو داود. وورد عن أبي داود "إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له: إنك قد أحدثت فليقل له كذبت إلا ما وجد ريحاً بأنفه أو سمع صوتاً بأذنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بال توضأ وينتضح" رواه أبو داود، وشكا إلى الإمام أحمد بعض أصحابه أنه يجد البلل بعد الوضوء فأمره أن ينضح فرجه إذا بال قال: ولا تجعل ذلك من همتك واله عنه. وعن علي رضي الله عنه أنه خاض في طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه، وكان ابن عمر يمشي بمنى في الفروث والدماء اليابسة حافياً ثم يدخل المسجد فيصلي فيه ولا يغسل قدميه، ولما قيل يا رسول الله إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا تطهرنا؟ قال: (أو ليس بعدها طريق أطيب منها؟ قال: بلى، قال: فهذه بهذه) رواه أحمد وأبو داود.
ومن ذلك أن الخف والحذاء إذا أصابت النجاسة أسفله أجزأ دلكه بالأرض مطلقاً وجازت الصلاة فيه بالسنة الثابتة، ففي الحديث (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور) رواه أبو داود، وفي الحديث (إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى على نعليه قذراً فليمسحه وليصل فيهما) رواه أبو داود وأحمد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسجد على التراب تارة وعلى الحصى تارة وفي الطين تارة حتى يرى أثره على جبهته وأنفه. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء من المذي، ولما قيل له: كيف ترى بما أصاب ثوبي منه؟ قال: تأخذ كفاً من ماء فتنضح به حيث نرى أنه أصابه" رواه أحمد والترمذي. والودي الذي يخرج عقب البول والمذي الذي يخرج بسبب التفكير أو المباشرة كلاهما نجس وكلاهما يوجب الوضوء فقط أما المني الذي يوجب الاغتسال فهو طاهر وهو عبارة عن خروج الماء الدافق بشهوة والذي يعقبه خدراً بالعضو وماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، وهو يخرج باحتلام أو جماع، أما استفراغ المني باليد فهو من الأفعال المحرمة، ولو خرج المني وجب الغسل.
جهاز التعبئة والإرشاد
حركة أنصار المجاهدين وجناحها العسكري كتائب المجاهدين
فلســطين