تاريخ النشر : 2011-10-16
تحذير صهيوني من الفشل الاستخباري، وتحميله مسؤولية الإخفاق العسكري
حذّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية "أمان"، أفيف كوخافي، من الأيام الحالية التي تشهد "تغييراً إقليمياً شاملاً"، وأن "إسرائيل" تقف في نقطة انعطاف تاريخية، تلقي بظلالها كل لحظة، وتتعاظم مع مرور الأيام، ما يحتم علينا البحث عن تحليلات مختلفة للحقائق التي تظهر وراء الوثائق والصور وشاشات الحاسوب، وينبغي إبداء شجاعة، ووصف الواقع بطرق مختلفة، ومن الواجب بحث طرق عمل محتملة أخرى، قد يقوم بها العدو، في ضوء أن "النظام القديم" الذي ساد في العقود الأخيرة انتهى، و"النظام الجديد" يتشكل، والزلزال الذي شهده الشرق الأوسط يخلق فرصاً، لكنه قد يولد مخاطر وتهديدات جديدة.وأضاف: يشهد الشرق الأوسط تعاظم قدرات أعدائنا بشكل غير مسبوق، مما يخلق واقعاً جديداً، وتحديات جديدة ومعقدة، وعلى ضوء هذه التغييرات العميقة، ينبغي دراسة الرد التنفيذي والإستخباراتي بشكل أعمق من الماضي، والعمل على مواءمته مع التحديات الجديدة، في ظل أن عدد الساحات وقوة التهديدات لم تتزايد فحسب، بل بدأت تغييرات جوهرية في طبيعة ميدان القتال: فحجم الصواريخ والقذائف اتسع بشكل كبير، والعدو الذي أصبح أعضاؤه في المجمل من مرتدي الملابس المدنية، اختار الانغماس في قلب البلدات والسكان المدنيين، وأصبحت أساليب عمله عبارة عن دمج بين القتال و"الإرهاب"، وأن هذا كله يضع أعباء على شعبة الاستخبارات لدراسة نفسها طوال الوقت، والدعوة لتشجيع الفكر النقدي الحاد، لتوفير القدرة على الإعراب عن الرأي لكل صاحب منصب، وفي كل رتبه عسكرية، ومنح إمكانية للنضال من أجله، ومن جانب جميع طبقات القيادة، ويقضي الواجب بضرورة بحث كل فكرة بشكل عميق.
حسم العدو ميدانياً
وأكد "كوخافي" أن التغييرات الحاصلة في المنطقة تحتم على "إسرائيل" تطوير أساليب مُحكمة لجمع المعلومات، وتحديد هدف تلو الآخر للعدو، والاعتماد على تفكير منفتح ونشيط، لأن مثل هذه الرؤية ستوفر استخبارات قومية إستراتيجية تتيح لمتخذي القرار إدارة السياسات، كما أن الاستخبارات التنفيذية التكتيكية، ستحسن قدرات الجيش الصهيوني بشكل عميق لحسم العدو في المواجهة الميدانية القتالية، وفي ذات الوقت لابد لنا من اكتشاف مستوى التواضع المطلوب في كل تقدير إستخباراتي.وفي الوقت نفسه لن نخشى أن نصمم على رأينا طالما كان مبرراً وله أساس، وفي ذات الوقت التشكيك الدائم، والبحث عن تحليلات أصلية للأنباء التي تتجمع على طاولتنا، ولكون الاستخبارات هي خط الدفاع الأول للدولة، فسنذكر مسئوليتنا الثقيلة، والتزاماتنا العميقة تجاهها، وباسم هذه المهمة والمبدأ، يقوم آلاف الجنود في شعبة الاستخبارات بعملهم ليل نهار، وبتفان تام.من جهته، أكد الخبير العسكري الصهيوني، أمير أورن، أن "إسرائيل" تعاني من اختلالات أساسية في جهاز اتخاذ القرارات، مطالباً بقراءة كتاب "الجيش النظامي سيصد"، من تأليف الجنرال احتياط "عمانوئيل سيكل"، لأنه يتضمن لائحة اتهام شديدة ومقنعة ضد صناع القرار الصهيوني في مراحل تاريخية مفصلية، لأنهم اعتادوا في أحيان كثيرة على إخفاء معلومات مصيرية عن جهاز "أمان" ورئيس هيئة الأركان، بصورة أضرت بقدرتيهما على التقدير، والاستعداد، وكل واحد ومسؤوليته، وهو الأمر الذي تكرر في حرب 1973، حين أخفت "غولدا مائير وموشيه ديان" عن "إيلي زعيرا"، وتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993 حين أخفى "إسحاق رابين" عن "أوري ساغي" مضمون الاتصالات مع الفلسطينيين والأمريكيين، وهكذا فإنه مع عدم وجود معطيات مركزية، يعبر رجال الاستخبارات عن خوف معلن من خدعة أخرى للعرب!
الإنذار القتالي
لكن رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، ورئيس الإدارة المدنية السابق في الضفة الغربية، شلومو غازيت، يدعو القيادة الصهيونية لعدم الاعتماد فقط على عملاء مغروسين في قيادات الأعداء العليا، لأنهم قد يعملون من أجل تلك القيادات المعادية في خداع "إسرائيل"، والاحتيال عليها، وهنا يكمن "الإخفاق الكبير"، حين تخطئ شعبة الاستخبارات في الجيش بعدم إعطاء الإنذار في الوقت المناسب، لأنها في تلك الحالة ستكون أسيرة التصور العام، وامتنعت رغم معلومات كثيرة جيدة عن عرض تهديد الاعتداء باحتمالية عالية، وهي المسئولة عن البحث والتقدير الاستخباري، وتجميع المعلومات.ويضيف: أهمية دور الاستخبارات في شن أي حرب يكمن في تعيين عميل قيادة عليا من وجهة نظر الجماعة الاستخبارية، ليُعرفونه بأنه أرفع مصدر من بين المصادر التي نملكها من المصادر البشرية، ولا شك في أن مجموع المعلومات والوثائق التي يبذلونها للاستخبارات الصهيونية، ويمكن تعريفه بأنه "الحلم اللذيذ" لكل جهاز استخبارات.ويضيف: ما زال الفشل الاستخباري والمخابراتي من نصيب أجهزة الاستخبارات الصهيونية، هو الفشل الأبرز، ليس لأنه قاد لسلسلة الإخفاقات العسكرية، التي أصابت الجيش، ولعب دوراً حاسماً في التأثير على نتيجة الحروب فقط، بل لأنه ظل الفشل الأبرز، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن أمريكا ستكون خارج الصورة في المواجهات العسكرية الميدانية التي وقعت لاحقاً، وإذا ما أخذنا بالحسبان أن أجهزة المخابرات الصهيونية، تدعي بحق أو بغير حق، أن نصف الزعماء العرب وأقربائهم وأنسبائهم هم عملاء لدى الـ"سي آي إيه" أو الموساد، لذلك ليس من قبيل الصدفة أن تهتم أجهزة المعلومات والاستخبارات الأمريكية، بدراسة وتحليل أسباب هذا الفشل أسوة بزميلتها الصهيونية.