تاريخ النشر : 2009-08-17
وثار الحذاء...
بقلم/ توفيق محمد
منتظر الزيدي... هو صحفي حديث عهد بالمهنة الصحفية، لكنه ابن لهذا الوطن عميقة جذوره في جوف البلاد يأبى أن يرى جلاد شعبه يغادر مسرح الجريمة دون أن يلقمه ما يستحق من"الصرامي"باتجاه رأسه.
زيارة بوش للعراق كانت زيارة مفاجئة - ربما - أيضا لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وقد أراد بوش من ورائها أن يضع لمسته الأخيرة على الاتفاقية الأمنية التي تقضي بانسحاب الجيش الأمريكي من العراق حتى العام 2011 وأراد كما قال هو للعراقيين: جئت لأخذ آخر قبلة من العراق - قبل مغادرته غير المأسوف عليها لمسرح الجريمة - فكان رد الزيدي:"إذن تلك هي القبلة فلتأخذها يا كلب"وألقى الحذاء الشهير باتجاه رأس جورج دبليو بوش الذي ستذكر من اليوم فصاعدا ولايته بخاتمة الحذاء.
بوش اختار أن يزور العراق قريبا من الذكرى السنوية الثانية لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين التي توافق يوم 30 - 12 - 2008، حيث كان الفاصل بين الزيارة والذكرى 16 يوما، وجاء الحذاء الملقى في وجه بوش والمالكي صفعة عراقية قوية في وجوههم تذكرهم بان العراق أيام الرئيس المرحوم كان دولة ذات سيادة، يعيش فيها أهلها حياتهم بكرامة وحرية، وانه بعد الاحتلال الأمريكي الذي ثبّت أقدامه عكائز العملاء الذين يحكمون عراق اليوم - بعد هذا الاحتلال - فقد العراق مليون شهيد برصاص المحتلين وبسببهم، إضافة إلى ملايين الجرحى وملايين اللاجئين، وان العراق تحول من وطن ذي سيادة وقوة ومنعَة وشعب ذي عزة إلى وطن مستعمَر ومن وطن غني إلى وطن يتسول أبناؤه لقمة العيش على بوابات اللئام في أصقاع العالم.
أنا لن استعمل عبارات كالتي استعملها كثير من الكتاب المشتاقين للحظة نصر أو لحظة قوة أو لحظة عزة فكانت عبارات"الحذاء الذي رفع رأس الأمة"وغيرها، وأنا بالمناسبة لست مع مثل هذه الاستعمالات، ولكن حذاء الزيدي لا شك عبر عن حالة من الهيجان في الشارع العراقي خصوصا وفي الشارع العربي والإسلامي عموما على الحالة التي وصلت إليها الأمة، وعبر عن مرحلة جديدة تقف على أعتابها جحافل الأمة التي ما عادت تخشى حاكما ولا مخابراته ولا جيوشه، حتى لو كان ثمن ذلك ما يتعرض له الزيدي الآن من بطش وتنكيل وعذاب طالما أن هذا الحذاء يعبر عن حالة ثورية قادمة نراها في الأفق القريب تعم الشارع الإسلامي كله تقلب واقع التبعية والذل، نحو أمل الاستقلال والسيادة والريادة، عسى ذلك أن يكون قريبا.