تاريخ النشر : 2012-08-24
هل تهدم إسرائيل الجدار الفاصل؟ وتلغي اتفاق أوسلو ؟
الكاتب: د. علي الاعور
كانت الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول والجهات المتنازعة ، تجسيدا لبدء مرحلة جديدة من السلام والتعاون أو الهدنة نحو السلام العادل والشامل بين الأطراف المتنازعة، ولكن قلما التزمت تلك الأطراف بالاتفاقيات الموقعة بينهما بسبب مبدأ القوة الذي يفرض الحق وليس الحق الذي يمنح القوة، ولذلك كان الطرف الأقوى دائما ينفذ أجندة خاصة به رغم معرفته أنها تجاوز للاتفاقيات الموقعة أو إلغاؤها بشكل غير مباشر .
وفي عام 1993 وقع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل وبناء على هذا الاتفاق، تم إقامة السلطة الفلسطينية التي بدأت في بناء المؤسسات والتنمية في الأراضي الفلسطينية نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة إلى جانب إسرائيل .
ولن أخوض هنا في عدد الانتهاكات التي تجاوزت اتفاق أوسلو من قبل حكومة إسرائيل ، سواء كانت في تهويد القدس أو زيادة المستوطنات وزيادة مصادرة الأراضي أو هدم البيوت أو بناء الجدار الفاصل وغيرها من قضايا المياه، في الوقت الذي التزمت فيه السلطة الفلسطينية بكافة التزاماتها تجاه اتفاق أوسلو وفي مقدمتها التنسيق الأمني ، ولن تجد إسرائيل أكثر فرصة مناسبة من اليوم، حيث يرفع الشعب الفلسطيني غصن الزيتون نحو سلام عادل وشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 إلى جانب دولة إسرائيل .
ولكن علينا جميعا إن نقف أمام ظاهرة منح التصاريح لسكان الضفة الغربية بهذا العدد الأكبر والتي تجاوزت 200 الف تصريح مما يعني دخول مليون فلسطيني إلى داخل إسرائيل بعائلاتهم، وإنني لست ضد زيارة أهلنا في حيفا ويافا واللد والرملة وسخنين وعكا ، ولكني ضد الخطوة أحادية الجانب من قبل حكومة إسرائيل دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية ، واعتقد أن القيادة الفلسطينية ومراكز الأبحاث والإعلاميين عليهم جميعا أن يدرسوا هذه الظاهرة والوقوف بشكل واضح على الأبعاد والأهداف الإسرائيلية لهذه الخطوة الغير عادية وفي ظروف إقليمية ودولية غير عادية .
لا اعتقد أن الهدف اقتصادي من هذه الخطوة ، وان كنت اقر بان هناك تأثير اقتصادي ولو بشكل بسيط في السوق الإسرائيلية ، ولكن علينا أن نعلم بان من حصل على التصاريح هم من الطبقة البرجوازية ولديهم القدرة على الوصول إلى السوق الإسرائيلية بشكل دائم ، أما الفقراء والطبقة المتوسطة فقد بقيت داخل السوق الفلسطيني ولا خوف على التاجر الفلسطيني لان عامة الشعب موجودة في المجتمع الفلسطيني ، ولو كان الهدف اقتصادي لدى حكومة إسرائيل ، فإنني اطمئن الجميع يكفي بلدية القدس أن ترفع ضريبة الارنونا على سكان كفر عقب( عشرة شواكل فقط ) وحدها التي يقطنها 50 ألف فلسطيني مقدسي ، تستطيع أن ترد إلى الخزينة الإسرائيلية نصف مليار شيكل .
ولكن الهدف هو ابعد من ذلك بكثير ، أصبح حزب الليكود هو الأقوى سياسيا في إسرائيل وأصبح الحزب الأكبر جماهيريا بعد تفتت حزب كديما و صغر حجم حزب العمل وتحول الشارع الإسرائيلي إلى التيار اليمين على حساب تيار اليسار ، فبدأ نتانياهو الشخصية السياسية الأكثر شعبية وتأييدا في إسرائيل من الجمهور الإسرائيلي ، بدا يعيد فكر حزب الليكود وإستراتيجية حزب الليكود في منح الفلسطينيين الرخاء الاقتصادي والحرية الشخصية داخل حدود دول إسرائيل ، وعدم طرح فكرة الدولة الفلسطينية سياسيا والاكتفاء بسلطة بلدية آو سلطة الحكم الذاتي التي تتمتع بإدارة السكان تعليميا وصحيا وخدماتيا ، مما يعني عمليا إنهاء اتفاقيات أوسلو ، وعدم التقدم في عملية السلام مع السلطة الفلسطينية وعدم القبول بدولة فلسطينية مستقبلا.
هذه النظرية وهذا الفكر الذي طرحة حزب الليكود في السبعينات وأوائل الثمانينات ، يعود اليوم نتانياهو لإحياء تلك السياسة في فتح الأراضي الفلسطينية على إسرائيل لإحياء فكر حزب الليكود بوجود دولة واحدة يعيش فيها الفلسطينيين بدون حقوق سياسية ولا أبالغ إذا كنت قد وصلت إلى قناعة بان نتانياهو سوف يصدر قرارا بإزالة الجدار الفاصل لتجسيد فكر حزب الليكود والقضاء على نظرية حزب العمل في فصل الفلسطينيين عن الإسرائيليين.
ولذلك فان رسالتي إلى القيادة الفلسطينية ، بان التصاريح التي منحت للفلسطينيين في الضفة الغربية تحمل بعدا سياسيا وهدفا سياسيا نحو إلغاء اتفاق أوسلو بشكل رسمي والعودة بالمفاوضات إلى درجة الصفر وفقا لأجندة إسرائيل ، ولكن نتانياهو نسي أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين ، بثقافة الحرية والديموقراطية والربيع العربي.