تاريخ النشر : 2012-10-16
إلى متى؟... أما آن الأوان لنعيد التفكير
مصطفى الصواف
تحدثنا كثيرا عما يجري في الضفة الغربية من انتهاك صارخ لحق الإنسان الفلسطيني على أيدي أجهزة أمن السلطة في رام الله من اعتقالات ومحاكمات وانتهاك للقضاء الفلسطيني وتعد على القانون بشكل صارخ ثم يخرج سعيد ابو علي ليقول لنا أن الاعتقالات في صفوف نشطاء حركة حماس نتيجة التحريض من العناصر المعتقلة على السلطة الفلسطينية.
نعيما يا أبا علي، والحمد لله على السلامة، بعد كل هذا الوقت تخرج لتبرر جريمة اعتقال المواطنين الفلسطينيين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة لك شكلا وللاحتلال والأمريكان فعلا، ثم تمارس كذبا علينا وتقول أن سبب الاعتقال هو التحريض على السلطة، ودليل كذبك أن الأسير المحرر من سجون الاحتلال وليد خالد اعتقلته أجهزة رام الله بعد أيام قليلة من خروجه من سجون الاحتلال وقبل أن يمارس تحريضا أو تعليقا على ما يجري في الضفة الغربية والتي ليست بحاجة إلى تحريض.
وليد خالد يا سيد أبو علي أسير هل تعرف معنى أسير في سجون الاحتلال؟، أشك كثيرا أنك تعرف معنى الأسر في سجون الاحتلال حتى تعرف الأسر في سجون من يدعون الأخوة في الدين والوطن، وليد خالد لم يرتكب ذنبا حتى يحرم من الحرية وكذلك كل إخوانه المعتقلين وكل ذنبهم أنهم ينتمون إلى حركة حماس.
دليل كذبك الثاني يا أبو علي هو أن التحقيق الذي تعرض له المعتقلون في أجهزة رام الله كان ينصب على نشاطاتهم وفعالياتهم ومشاركاتهم في الدعاية الانتخابية لانتخابات المجلس التشريعي عام 2006، وحول ما سيجري من انتخابات محلية في الضفة الغربية إلى جانب قضايا لا علاقة لها بالتحريض على السلطة بقدر ما تتعلق بنشاطات لحركة حماس، وظنون تدور حول إعادة البناء التنظيمي لحركة حماس بعد أن سعت سلطة رام الله إلى إقصاء وتغييب حركة حماس عن الشارع الفلسطيني.
دليل كذبك الثالث يا أبا علي هو اعتقال الصحفي محمد منى مراسل وكالة أنباء قدس برس الذي عمل بشكل مهني وقدم صورة موضوعية عما جرى في الضفة الغربية من احتجاجات ضد سلطتك وأجهزتك القمعية واصفا للحالة وليس مبتدعا أو مفتريا أو محرضا على السلطة كما تدعي في حديثك الثلاثاء الماضي.
الأدلة كثيرة سيد أبو علي وآخرها اعتقال الأستاذ الجامعي والمحاضر في جامعة الخليل ضمن حملتك القمعية الهادفة إلى تنفيذ أجندة صهيونية أمريكية أوحت إليكم أن هناك تهديدا لوجودكم في السلطة، وأن حماس تعد العدة للانقلاب على سلطتكم الموقرة فكانت حملتكم المسعورة بلا تفكير أو تدبر فيما تسعى إليه سلطات الاحتلال من هذا التحريض على أبناء الشعب الفلسطيني.
ولكن ما جرى ناتج عن وهم وخوف ينتاب أركان السلطة من فقدان مكانتها نتيجة فشلها وإخفاقها في تحقيق أدنى حقوق الشعب الفلسطيني بل زادت القضية والشعب في تيه وضياع للحقوق وتنازل عن الأرض وخضوع لشروط الاحتلال وأمريكا واللجنة الرباعية.
كل ذلك ثم يقولون تحريض وانقلاب على السلطة، لأن سلطة بهذه المواصفات لا تشرف أحدا ولا تشكل مفخرة أو عنوانا لشعب مقاوم يريد تحرير أرضه وإعادة من هجر من شعبه وتطهير مقدساته، هذه السلطة يجب أن تتحول إلى سلطة تأخذ بيد الشعب الفلسطيني نحو تحقيق حقوقه، والرفع من كرامته وتعزز فيه روح الانتماء للوطن وتعمل على توحيد صفوفه من أجل إعداده لمرحلة قادمة يواجه فيها عدوا لا يعرف إلا لغة واحدة هي لغة القوة التي تخضعه للاعتراف بحقوق الشعب المغتصبة.
إلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه في الضفة الغربية؟، وإلى متى ستبقى المضايقات والاعتقالات والملاحقات؟، إلى متى ستبقى الرهانات على أمريكا وأوروبا والاحتلال والمجتمع الدولي وترك الرهان الأقوى والأسهل وهو الرهان على الشعب؟، إلى متى ستبقى حالة الانقسام والخلاف قائمة في انتظار من يجد فضل وقته كي يعطيها اهتماما؟.
أما آن الأوان أن نعيد التفكير ولو مرة واحدة في أوضاعنا وأحوالنا؟، ألم ننظر إلى ما يجري في القدس؟، هل ارتضينا أن ينفذ الاحتلال مخططاته في التهويد والتقسيم والتدمير ونحن لا نحرك ساكنا بل ننشغل مرة بالانقلاب وأخرى بالانقسام وثالثة بلجنة الانتخابات تعمل أو لا تعمل.
نحن بحاجة إلى ثورة عارمة تعيدنا إلى جادة الصواب، ثورة على الذات وعلى طرق التفكير نقودها على أنفسنا كنخب سياسية وقوى وفصائل وسلطات قبل أن تأتينا من الناس كما جاءت من حولنا.
الجميع مدان، والجميع يحاول الهروب، والجميع يراهن على من لا رهان عليه، عودوا إلى شعبكم، عودوا إلى ثوابتكم، عودوا إلى حقوقكم بدلا من هذا الشتات والتفكك والدمار الذي نمارسها بحق أنفسنا وشعبنا وقضيتنا.