تاريخ النشر : 2012-10-16
الشيخ جراح قرية مقدسية
الشيخ جراح قرية مقدسية
الشيخ جراح قرية مقدسية- فلسطينية تتبع محافظة القدس وهي في الجانب الشرقي لمدينة القدس الذي وقع تحت الاحتلال الصهيوني في حرب 1967 ,وهي الآن من أحياء القدس الشرقية.اخذ حي الشيخ جراح بالقدس اسمه، من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي، القائد الكردي المسلم، الذي تحول إلى رمز لأجيال عربية متعاقبة منذ نحو 900 عاما، ويتهدده الآن مخطط صهيوني استيطاني تم الإعلان عنه ويتضمن بناء 200 وحدة سكنية لاسكان مستوطنين يهود فيها، وسط هذا الحي العربي الواقع في القدس الشرقية المحتلة عام 1967م.
ويشتهر الحي بوجود ضريح الشيخ الجراح فيه، الذي أقيم عليه مسجدا، ما زال يستخدم في وظائفه الدينية.
ومنذ سنوات يتعرض هذا الحي، إلى هجمة استيطانية صهيونية، وسيطر اليهود على مقام إسلامي في المكان يخص شخص يطلق عليه محليا (الشيخ السعدي) وحولوه إلى مقام يهودي باسم (شمعون الصديق).
سكنت سبع عائلات يهودية في المكان بعد إخراج السكان الفلسطينيين من منازلهم، وتحولت المنازل الفلسطينية إلى منازل يهودية. نصبت أبراج حراسة، يداوم فيها جنود الاحتلال على مدار الساعة، وبدت الأمور ممهدة لإقامة حي يهودي في القدس العربية، وهو ما أعلن عنه هذا الأسبوع عضو الكنيست بيني ايلون الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الوطني (المفدال)، والذي شغل في السابق منصب وزير السياحة.
وقال ايلون، الذي يتزعم الجماعات اليهودية التي تسعى لإقامة حي يهودي في الشيخ جراح الذي أصبح اسمه بالنسبة لافراد هذه الجماعات (حي شمعون الصديق) بان الهدف من وراء مخطط الاستيطان اليهودي في الحي الفلسطيني "خلق تواصل سكاني يهودي يحيط بالبلدة القديمة" حسب تعبيره.
وأضاف ايلون "بالإمكان خلق تواصل سكاني يهودي في هذه المنطقة عن طريق الإعلان عن المزيد من الأماكن في القدس كحدائق وطنية ومناطق مفتوحة، بالإضافة إلى ضم أراض تعود ملكيتها إلى أشخاص ومواطنين يهود". يعرف ايلون تماما ما يتحدث عنه، وهو ما يمكن وصفه على أرض الواقع، بالمخطط المرعب لتهويد ما تبقى من القدس العربية، وبلدتها القديمة التي تضم الأماكن المقدسة.
وايلون الذي يعتبر عراب الاستيطان اليهودي في الشيخ جراح، كان تزعم بنفسه، عندما كان وزيرا للسياحة في إسرائيل، عمليات طرد السكان الفلسطينيين من الشيخ جراح، كما حدث في شهر نيسان (أبريل) 2003، عندما تم طرد 20 شخصا من عائلة غاوي من منازلهم.
ويعود الآن ايلون إلى الواجهة مع مخطط جديد، بالاستيلاء على 18 دونما بالقرب من قبر شمعون الصديق، ووفقا لهذا المخطط كما أعلن عنه أيلون، وطرح على لجنة التنظيم والبناء المحلية في بلدية القدس، فانه سيتم إقامة 200 وحدة سكنية. وقال أيلون بوضوح بأنه من اجل تنفيذ المخطط "ينبغي هدم المنازل الفلسطينية الموجودة في الحي، ووجوب ضم المناطق المفتوحة هناك إلى خطة البناء المقترحة".
ورغم هذا الحديث عن المخطط، إلا أن موقف بلدية القدس الصهيوني بدا غريبا، وتحاول التغطية عليه، وقال يشور كوبك نائب رئيس البلدية ونائب رئيس لجنة التنظيم والبناء انه لا يعلم شيئا عن هذه الخطة بالتحديد التي أعلن عنها أيلون، وان في نية البلدية وضع خطط للبناء للسكان اليهود والعرب في مدينة القدس. وفهم من كلامه هذا بان هناك فعلا خططا لإقامة بؤر استيطانية في القدس، أما الحديث عن وحدات سكنية للعرب، فهو أمر أخر من يصدقه كوبك نفسه.
كان رئيس بلدية القدس أكثر وضوحا، عندما تحدث صراحة عن الاستيطان في الشيخ جراح، بعد السيطرة على ضريح الشيخ السعدي وتحويله إلى قبر شمعون الصديق، وما تبع ذلك من احتلال طلاب يهود من المدارس الدينية، لخمسة منازل قرب الضريح، وحولوا أحدها إلى كنيس يهودي، وتولت حكومة الكيان إسكان سبع عائلات يهودية في منازل فلسطينية طرد سكانها، ويتم حراسة أفراد هذه العائلات على مدار الساعة من قبل فرق حراسة خاصة تعتلي أبراجا وضعت في المكان.
وربط رئيس بلدية القدس الصهيونية بين نواة الحي اليهودي الاستيطاني في الشيخ جراح، ومدينة معالية ادوميم الاستيطانية شرق القدس قائلا " إن الحي يقع بجوار الجامعة العبرية، ومن المقرر أن تطل مساكنه على الطريق الرئيسي المؤدي لمعاليه أدوميم من ناحية، وعلى حديقة (عيمك تسوريم) القومية من ناحية أخرى. وفي ضوء ذلك ولأسباب أمنية أيضاً، أعتقد أن إسكان اليهود في الحي، سيضمن أمن المسافرين على الطريق المؤدي لمعاليه أدوميم من ناحية، وأمن زوار الحديقة القومية من ناحية أخرى".
ومنذ سنوات يسعى الكيان للسيطرة على المنطقة المعروفة في المكان باسم (كرم المفتي) التي كانت تملكها عائلة الحسيني والت ملكيتها أبان العهد الأردني لشركة استثمارية خليجية، ولكن ما يسمى بحكومات الكيان لم تنجح حتى الآن في اخذ هذه الأرض.
ويسعى الكيان أيضا، إلى امتلاك مبنى في الشيخ جراح هو فندق شيبرد، كان مقرا للزعيم الفلسطيني الحاج أمين الحسيني، ويسيطر على الفندق الآن وحدة من حرس الحدود الصهيوني، وبالقرب منه يقع كرم المفتي، الذي إذا تمكن الكيان من تحويله إلى حي استيطاني، فإنها ستضمن تواصلا يهوديا من الشيخ جراح إلى حي وادي الجوز الذي يشهد هو الآخر هجمة استيطانية.
وتقع في الحي بعض المعالم الثقافية مثل القصر الذي كتب وعاش فيه أديب العربية اسعاف النشاشيبي (1882-1948م). بنى النشاشيبي قصره في حي الشيخ جراح، ليس بعيدا عن مقام الشيخ السعدي، وزخرفه بقطع الموازييك الأزرق التي ما زالت تزينه حتى الآن. وفي هذا القصر حل كثيرون من أعلام الأدب العربي مثل الشاعربشارة الخوري (الأخطل الصغير)،وحافظ ابراهيم (شاعر النيل)، والشاعر العراقي معروف الرصافي، الذي نزل ضيفا في هذا القصر وذكره في قصيدته التي يقول فيها:
ويل لبغداد مما سوف تذكرني عنها وعن الليالي في الدواوين
واستذكر القدس وقصر النشاشيبي بقوله:
وكان فيها النشاشيبي يسعفني وكنت فيها خليلا للسكاكيني
والإشارة واضحة لاسعاف النشاشيبي ، والمفكر الفلسطيني خليل السكاكيني. ولا يعرف ماذا كان سيكتب الرصافي، لو قدر له أن يعيش ليرى حال القصر الآن، فعلى بعد أمتار قليلة منه، أقام اليهود نصبا تذكاريا للقتلى من المنظمات الصهيونية الذين سقطوا خلال معركة شنها على قافلة لهذه المنظمات، المقاومون العرب عام 1948.
وتحول هذا النصب إلى ما يشبه حائط مبكى جديد، يأتي إليه المستوطنون بالحافلات، ويقفون بجانب قصر أديب العربية، الشاهد على مرحلة فكرية هامة من تاريخ القدس، ويعرجون على منازل المستوطنين اليهود وقبر وكنيس يعقوب الصديق، الذي أصبح الاسم اليهودي للحي العربي الشيخ جراح.