تاريخ النشر : 2009-12-20
خارطة طريق المستوطنات"اعلان حرب"
استمرت حكومة نتنياهو العنصرية في تماديها وتحديها للعالم وللشعب الفلسطيني؛ وهذه المرّة كشّر عن اينابه أكثر، كخطوة استفزازية جديدة تمثلت في اقرار خطة/مشروع يعطي مستوطنات (110 مستوطنات) في الضفة الغربية منتشرة بعيداً عن الكتل الاستيطانية الثلاث، أفضلية تطوير قومية؛ وهذا يعني صرف أكثر من 4 مليارات شيكل في إعداد البنية التحتية للمنطقة المذكورة والتي منها 110 آلاف مستوطن و110 مستوطنات هامشية.
الميزانية المذكورة ستصرف في المناحي التالية: التربية والتعليم، السكن، العمل، البنية التحتية، المواصلات، وذلك على مدار 4 سنوات على اساس توفر المعايير التي حددتها الحكومة للموافقة على الصرف وهي:
• الوضع الأمني
• الوضع الاقتصادي والاجتماعي
• استيعاب المهاجرين الجدد
• مستوى الخدمات
• مكان البلدة وبعدها عن المركز
• الحاجة
لكن الأهم من ذلك كله، أنها خطة سياسية بحتة، وليست اقتصادية أبداً، فالخطوة هذه تأتي لمنح الشرعية للمستوطنات الهامشية وتثبيت وجودها فهذه الخطة تعد مقدمة لتوسيع البناء في هذه المستوطنات في مرحلة قادمة، قد تكون بعد انقضاء مدة الـ 10 شهور التي أقرتها الحكومة لتجميد البناء في مستوطنات الضفة عدا القدس.
اذن يفهم من هذا الكلام مدى مراوغة حكومة نتيناهو ونواياها الاستيطانية ورفضها لمبدأ السلام وحل الدولتين، وانها أي هذه الحكومة، وإن استمرت على هذه الوتيرة فالضفة الغربية كلها ستهوّد وتزرع بالمستوطنات وهم في سباق مع الزمن، فالجرافات وأعمال البناء تتواصل ليل نهار.
وفي قراءة سريعة لمشروع حكومة نتنياهو غير المعلن وهو"ضم الضفة الغربية لإسرائيل قانونياً"مثلما فعلت اسرائيل بالقدس والجولان السوري المحتل، وسريان القانون المدني الاسرائيلي عليها، هناك مؤشرات واضحة تدل على ذلك منها:
أولاً: سن قانون الاستفتاء العام على أي انسحاب من الضفة والجولان.
ثانياً: الهجمة الاستيطانية المسعورة في مناطق الضفة ومنها غور الأردن.
ثالثاً: التسهيلات الجديدة في حركة الدخول والخروج للمدن الفلسطينية الكبرى للتسوّق.
رابعاً: كثرة الحديث عن دولة ثنائية القومية في الأوساط الاسرائيلية.
خامساً: الممارسات الاسرائيلية في مدينة القدس.
إذن، هناك من يرى أنه في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم فان المنطقة ستشهد اعلانا اسرائيليا بضم الضفة الغربية وسريان القانون المدني الاسرائيلي عليها.
اما الاوضاع الحالية فانها تساعد على ذلك دونما ادنى شك، فهي على هذا النحو:
* فشل الولايات المتحد في فرض ارادتها على تل ابيب.
* وقف الدعم العربي الهزيل للقضية الفلسطينية، لا بل ووقوف دول عربية من دول الطوق وغير الطوق لجانب الطرف الاسرائيلي.
* حالة الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين.
* موت العملية السلمية والتفاوض.
اذن، ومن هنا، فان الفلسطينيين قد بقوا يلعقون جراحهم لوحدهم، وكان لسان حال العرب يقول:"قلّعوا شوككم بايديكم"، يتصارعون"أي الفلسطينيون"من على شاشات الفضائيات، ويردحون، من بيروت ودمشق وغزة ورام الله، بعدما نجحت اسرائيل في الوقيعة بينهم!!
والسؤال المطروح: جيد، ولكن ما المتوقع حدوثه في ظل الوضع الفلسطيني المتردي حاليا؟
الفلسطينيون بداية يرفضون المصالحة، ويبدو انهم لن يصطلحوا الا تحت اصوات وأزيز النيران الاسرائيلية! اما السلطة الفلسطينية فمرشحة للزوال، وستعود (م.ت.ف) لدورها السابق في قيادة مسيرة الشعب الفلسطيني!
فالفلسطينيون اصبحوا مكشوفين، كما ذكر، للإسرائيليين، وبالتالي فهم بين ثلاثة خيارات،كلها مرّة:
الخيار الاول:
القبول بالامر الواقع، وهذا يعني ضياع الضفة الغربية والحلم الفلسطيني والعيش تحت كنف الاسرائيليين وفي ظل القانون المدني الاسرائيلي.. وبالتالي تعريفهم كعرب 67 كما عرب 48.
الخيار الثاني:
رفض القبول بالامر الواقع وهجرة من يريد وبالذات القيادات للخارج، وهذا مستبعد تقريبا، لكنه يبقى خيارا مفتوحا ومطروحا من الطرف الاسرائيلي.
الخيار الثالث:
الانتفاضة ورفض واقع الحال المزري، وهذا هو الخيار الاقوى كما يراه المراقبون، في هذه المرحلة بالذات، فقد خسر الفلسطينيون مرحلة المفاوضات كلية على مدار 18 عاما، فلم يحصلوا الا على مزيد من الاستيطان والتهويد والقهر والمعاناة.
الانتفاضة ان اختارها الشعب الفلسطيني وقيادته، فلربما تكون على شكل منع (تحريم) عمل الفلسطينيين بداية في بناء المستوطنات، وبالتالي شل عملية البناء والتطوير فيها، ثم ايضا تسويق ذلك اعلاميا ودوليا للحصول على الشرعية والدعم المعنوي من الدول الحرة في العالم.
وأخيرا...
فأوسلو، والمسيرة السلمية، كانت مصيدة للثورة الفلسطينية لا غير، فقد اكتفت اسرائيل شرها الخارجي، فاوقعتها في فخ شيء اسمه سلام، ثم اجهزت عليها قتلا وتنكيلا واعتقالا وتجويعا؛ فاين هي القيادات الفلسطينية؟ واين تلك الامال والطموحات والشعارات اختفت؟
اليوم، نحن اقرب ما يكون، ان استمرت الاوضاع على ما هي، من ضياع الحلم الفلسطيني، وضم الضفة الغربية لاسرائيل وسريان القانون الاسرائيلي عليها، وتحويل سكانها لعرب 67؛ وهذا بالطبع مرهون بالموقف الفلسطيني وردة فعله، لا العرب الذين نفض الفلسطينيون أيديهم منهم حتى اشعار اخر!