تاريخ النشر : 2010-01-31
حذار، سينهار المسجد الأقصى
حذار، سينهار المسجد الأقصى
بقلم/ علاء الريماوي
عندما نجري حديثا عن القدس ينتابنا شعور من الخوف والأسى، على مدينة تهدم على الحقيقة، بعيدا عن التهويل والإثارة الصحفية، وخاصة ونحن نتحدث عن جملة انهيارات كبيرة ويومية تحدث في الطرق الرئيسة المؤدية للمسجد والبلدة القديمة، كما حدث في منطقة سلوان وفي أحد شوارعها المركزية، مضافا إليها مشاهد تهاوي الأشجار المعمرة داخل باحات المسجد الأقصى والتشققات الكبيرة للأسوار المحيطة بالقدس جراء مجموع الأنفاق التي تنسج تحت المسجد والتي تحولت إلى أقبية ومساحات طولية وعرضية يؤسس لها لتكون مدينة (داود عليه السلام) المرتقبة، والتي تسعى المؤسسة "الإسرائيلية" الإعلان عنها في الوقت المناسب، هذا المخطط الكبير الذي تدفع به أكثر من 25 مؤسسة كبيرة وتجند أموالاً طائلة لتحقيقه، يجعل حركة السيطرة والحفريات والبناء تحت وفوق مساحات البلدة القديمة كبيرا، مما سيزيد الضغط على أركان وقواعد البلدة والمسجد مما سيجعلنا نشاهد انهيارات كبيرة في هذا الشتاء وفي الأعوام القليلة القادمة، وخاصة ونحن نتحدث عن مناطق أثرية قديمة لا يسمح بترميمها ويمنع الفلسطيني من محاولة الفحص والاختبار لها خوفا من اكتشاف ما تصنعه المؤسسة "الإسرائيلية" سراً.
حقيقة الحفريات
فيما يكثر الحديث عن الحفريات ومدينة الأنفاق التي تخترق المدينة المقدسة، نحاول هنا جاهدين رسم صورة تقريبية لها من خلال المناطق الأربع المحيطة بالمسجد الأقصى.
أول هذه الأماكن وأخطرها منطقة جنوب المسجد الأقصى والتي تحاول المؤسسة "الإسرائيلية" فيها بناء ما يُسمّى بـ"مدينة داود"، وهي مدينةُ تمتدّ بحسب الادعاءات "الاسرائيلية" من مجمّع عين سلوان جنوباً وحتى أسوار المسجد الأقصى شمالاً، وقد لوحظ هذا العام العمل في 4 مواقع جديدة للحفريّات جنوب المسجد الأقصى، فيما استمرّ العمل في 3 مواقع أخرى.
أما الجهة الغربية للمسجد الأقصى والتي تعتبر المكون الرئيس للمدينة اليهوديّة التي يبنيها الاحتلال تحت المسجد، ففيها المزارات، وفيها الطريق الذي يصل بين جنوب المدينة في سلوان وشمالها عند درب الآلام، وفيها أيضاً تقع معظم مداخل هذه المدينة المفترضة، فقد أشارت بعض المؤسسات إلى أن عدد مواقع الحفريّات 13 موقعاً في هذه المنطقة والتي شكل العمل بها المحور الأساس للوصول إلى أسفل قبة الصخرة مما يجعلنا نشير إلى الخطورة الكبيرة التي قد تنجم عن انهيارات غير متوقعة تحدث في الطبقات الأرضية تحت الصخرة، مما سيؤدي حتما إلى انهيارات في جوانب القبة.
أما المنطقة الشمالية فتتركز الحفريّات عند الزاوية الشماليّة الغربيّة للمسجد الأقصى، وخاصة في منطقة المدرسة العمريّة، وهذا أصبح مشاهدا ومكشوفا لكن ما لا نراه تحت الأرض أكبر حجما وأشد أثرا، لذلك هذا موضوع يجب العمل عليه من قبل المؤسسات ذات الصلة لكشف الجريمة المدبرة بليل.
الهدف من هذا العمل على الأرض
يبدو أن لدى المؤسسة "الإسرائيلية" قراراً تتجه فيه إلى إنهاء المعالم غير اليهودية في القدس وهذا استنتاج نابع من حجم النشاط الحادث على الأرض والذي بينا فيه أن أكثر من 25 حفرية تحدث تحت المسجد ومناطق البلدة القديمة وان ما يجري موازٍ لما فوق الأرض من هدم مائتي منزل في العامين الماضيين، بالإضافة إلى مصادرة 200 منزل عربي لصالح مؤسسات "إسرائيلية"، وإخطارات بهدم أكثر من1600 منزل والمس المباشر بالآثار الظاهرة كما حدث في أحجار القصور الأموية التي تم إزالة أجزاء مهمة منها والعبث بمقابر المسلمين التاريخية وبناء حدائق ومنتزهات عليها، مضافا إليها السرقة الكبيرة للآثار العربية في باطن الأرض وتحطيم جزء كبير منها وخاصة ونحن نتحدث عن منطقة كانت تشهد وجود حضارة العرب الكنعانيين، وهذا كله يتماشى مع التوجه السياسي للإدارة الأمريكية، التي يبدو أن هناك توجها لتدويل المناطق المقدسة وجعل السيادة عليها مشتركة بين اليهود والمسلمين والمسيحيين، بمعنى أن الإدارة العليا لكافة المقدسات ستكون بيد المؤسسة "الإسرائيلية" مما سيضيف إلى حجم السيطرة "الإسرائيلية" على الأرض قوة قانون بغطاء دولي يحمي مجزرة السرقة للتاريخ العربي للقدس، وهذا ما يجعلنا نرى انهيارين للقدس، انهيارا فعليا ناتجا عن الحفريات وانهيارا معنويا يسرق فيه التاريخ ويشرع فيه للسارق السيادة على القدس وهذا الهدف الرئيس.
ماذا يمكن أن نعمل؟
يبدو أن العمل والحركة قانون وناموس من الكون فقدته الأمة وغدا منطقا يختص به غيرنا ولكن هذه المرة يجب أن يخرج الكل من دائرة الصمت إلى الفعل، ومن دائرة توثيق الجريمة ودراستها إلى العمل الذي يحمي القدس من الموت، من خلال دمج الجهد بين كافة المكونات الرسمية والشعبية وبقيادة منظمة المؤتمر الإسلامي للضغط على الدول والهيئات والمؤسسات الداعمة "لإسرائيل"، والإعلان الفوري عن البدء في سلسلة خطوات عملية تتمثل في فضح الممارسات "الإسرائيلية" ومحاكمتها عالميا، وتبني مدينة القدس كعاصمة إسلامية لكافة الدول المشاركة في المنظمة والبدء فورا في ترسيخ المفهوم عمليا من دعم وبناء في المدينة المقدسة للمحافظة عليها، كما لا بد من دعوة عاجلة إلى الصف الفلسطيني للوحدة على القدس من خلال برنامج مشترك يعيد للحصن الدفاعي الأول اعتباره والذي كنا دائما نرتكز عليه وهنا نخص بالذكر حركتي حماس وفتح، وإلا سنكون أمام مشهد وطن من غير المسجد الأقصى وأمة بلا كرامة وتاريخ يسرق بلا حراك.