تاريخ النشر : 2013-08-31
العملاء ظاهرة خطيرة يجب التصدّي لها
المكتب الإعلامي- قسم المتابعة
لقد كانت فترة احتلال قطاع غزة والضفة المحتلة لمدة تزيد عن 40 عاماً كفيلة أن تؤدّي إلى إسقاط عدد من أبناء الشعب الفلسطيني – وإن كان يعدّ نسبياً ضئيلاً- في أوحال العمالة، من أصحاب النفوس المريضة، و العقول المتواضعة الضعيفة، وأسرى الشهوات، ولا غرابة في ذلك في ظلّ احتلال يقوم عليه شياطين الإنس من اليهود الصهاينة الذين لا يعرفون حداً لوسائلهم اللاأخلاقية و اللاإنسانية ،
فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، فمن هؤلاء العملاء من تم إسقاطه وهو طفل صغير، ومنهم من سقط وهو يبحث عن لقمة العيش، ومنهم من تم ابتزازه من خلال منعه من السفر بينما يكون في حالة اضطرار كأن يكون على وشك إنهاء دراسته في الخارج، ومنهم من وقع في حبائل شبكات العملاء و أوكارهم دفعته إلى ذلك نزوة شيطانية لم يستطع مقاومتها، ومنهم من سقط أثناء التعذيب في أقبية التحقيق عندما وضع تحت ضغط نفسي و جسدي هائل مما دفعه إلى القبول بالتعاون مع أعداء الله ليفرّ من آلام التعذيب إلى جحيم العمالة ..
وأمام هذه الأساليب الشيطانية التي يستخدمها الصهاينة الذين تجرّدوا من كلّ القيم الإنسانية كان لا بد للفلسطينيين من استخدام أساليب علاجية و وقائية لتحجيم هذه الظاهرة و القضاء عليها حماية للمجتمع الفلسطيني ، ففي الانتفاضة الأولى يوم كانت السيطرة على الشارع الفلسطيني لرجال المقاومة في عدم وجود السلطة تمكّنت فصائل المقاومة المختلفة من تقليص هذه الظاهرة ، و بالتالي الحد من عمليات الإسقاط ،
و من الأساليب التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية في ذلك الوقت كعلاج لهذه الظاهرة :
التوعية الأمنية المنهجية والمتواصلة من قبل الفصائل الفلسطينية بأساليب الإسقاط التي يمارسها اليهود الصهاينة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، و ذلك عبر الدروس في المساجد و من خلال النشرات الخاصة التي تعمّم على أبناء التنظيمات المختلفة من قبل تنظيماتهم، والنشرات العامة التي كانت تعمّم على جمهور المواطنين .
متابعة أي فرد خاصة من أبناء التنظيمات إذا ما تم استدعاؤه من قبل جهاز المخابرات الصهيوني، و العمل الفوري على إنقاذه إن كان قد تورّط بالموافقة على التعاون مع العدو و ذلك قبل انغماسه في ممارسات خطيرة تحول دون إمكانية إصلاحه.
رصد شبكات العملاء من قبل الفصائل الوطنية والإسلامية، وجمع المعلومات عنها و ذلك بهدف إعداد ما أصبح متعارفاً عليه بالملف الأمني لكلّ من عناصر تلك الشبكات قبل إخضاع أيّ منهم للتحقيق .
رصد بيوت الدعارة، وتجّار المخدرات، وجمع المعلومات عن هذه الأوكار الخطيرة ، لأن العدو يعتبرها من أهم الوسائل التي يعتمد عليها في إسقاط أبناء الشعب الفلسطيني .
اختطاف المشتبه بهم و التحقيق معهم .
تصفية كلّ من تثبت مشاركته في عمليات الاغتيال التي يقوم بها العدو .
ردع العملاء الذين تثبت إدانتهم بالعمالة دون تورّطهم في عمليات الاغتيال و ذلك بالاعتداء عليهم بالضرب الذي يودعهم المستشفى، وفي ذلك كشف لهم أمام المجتمع حتى يحذر الناس منهم .
نشر أسماء العملاء الذين تثبت إدانتهم سواء في البيانات أو على صفحات الجدران .
محاولة إصلاح بعض العملاء عن طريق تقوية الوازع الديني لديهم ، و كذلك الحس الوطني عندهم ، ثم اختبارهم بعد ذلك بتكليفهم بمهام أمنية ضد العدو الصهيوني ، و العديد منهم تمكّن من النجاح في الاختبار مما أدّى إلى إرباك العدو .
و هذه الأساليب في المعالجة أدّت إلى نتائج إيجابية منها :
حماية المجتمع الفلسطيني من مخاطر هؤلاء الخونة الذين تجرّدوا من كلّ قيم الإنسانية أو ضمير فيه بقية من حياة أو حياء .
حماية أسر العملاء أنفسهم من مخاطر أبنائهم الذين تورّطوا في العمالة ، لأن شياطين اليهود الصهاينة كانوا يكلّفون العميل بإسقاط أهل بيته من أخوة و أخوات وأبناء و أم و زوجة ، و هكذا لتصبح الأسرة بكاملها في خدمة الاحتلال الصهيوني، كما أن العدو كان يهدف من وراء ذلك إلى هدم المجتمع الفلسطيني من خلال إفساده ككلّ عبر إفساد الأسرة التي تشكّل اللبنة الأساسية في بناء المجتمع.
الحد من انتشار هذا الوباء و اتساع رقعته داخل المجتمع الفلسطيني .
حماية مشروع المقاومة، و ذلك من خلال حماية المجاهدين ، و إضعاف قدرة العدو على ملاحقتهم و اغتيالهم .
إزالة عقبة كأداء تقف في وجه المقاومة و تحدّ من قدرتها على تحقيق أهدافها ، فالعدو الصهيوني يكون أقرب إلى الإذعان لشروط المقاومة إذا فقد طابور العملاء الذي يزوّده بالمعلومات التي تمكّنه من تحقيق أهدافه ، فإذا تقلّصت دائرة العمالة ، عندها ستتمكّن المقاومة من تسديد ضربات قوية للعدو في الوقت الذي يعجز هو فيه عن تسديد ضربات للمقاومة .
و لكن و للأسف الشديد فقد وجد العملاء مرتعاً خصباً لهم في ظلّ السلطة الفلسطينية التي سخّرت أجهزتها الأمنية لملاحقة المجاهدين بدلاً من تسخير هذه الأجهزة لملاحقة العملاء، بل إن العملاء وجدوا لهم أماكن عمل داخل الأجهزة الأمنية في الوقت الذي حرصت فيه هذه الأجهزة على تنقية صفوفها من الإسلاميين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر بينما كنت معتقلاً لدى السلطة كان العقيد المشرِف على اعتقالي مباشرة يكلف حارساً مسلحاً ليقف بباب الغرفة التي كنت معتقلاً فيها ،
وكان أحد هؤلاء الحراس عميلاً معروفاً لدى الجميع و قد حذّرني زملاؤه الشرفاء من وجوده، و ذات يوم طلبت من العقيد أن يأذن لي بأن أتمشى ولو على سطح البناية حتى لا يحدث ضمور في العضلات بسبب عدم الحركة، فقال نحن لا نسمح بذلك خوفاً على سلامتك و حرصاً على أمنك ، فقلت له إن كنتم تحرصون على أمني فكيف تكلفون عميلاً معروفاً ومدجّجاً بالسلاح ليحرسني ، فقال العقيد :
و من هو؟
قلت له فلان، فتم نقله على الفور إلى مكان آخر، لم يتم فصله من الجهاز الأمني الذي يعمل به .
وفي ظلّ هذا الوضع الصعب حيث إن السلطة لا تستطيع أن تقوم بأي دور ضد العملاء لأنه على ما يبدو أن اتفاقية أوسلو توفّر لهم الحماية، و لذلك لم يفرّ العملاء من الضفة الغربية و قطاع غزة مع قدوم السلطة، بينما فرّ العملاء من جنوب لبنان مع جيش العدو الصهيوني لأن الصهاينة فشلوا في الوصول إلى اتفاقية مع لبنان تقضي بتوفير الحماية لهم و عدم مساءلتهم،
في ظلّ هذا الوضع تقف الفصائل الوطنية والإسلامية في حيرة من أمرها، فاستمرار السكوت على العملاء سيؤدّي إلى مخاطر كبيرة جداً، و عليه فإن الفصائل الفلسطينية المقاومة تجد نفسها أمام قرار صعبٍ لا بدّ منه يوماً ما رغم وجود السلطة.