تقف إسرائيل على رجل واحدة متأهبة منتظرة خائفة مذعورة مرتبكة.. كل الأوصاف تنطبق عليها اليوم، وعلى جيشها وأجهزة الأمن والاستخبارات فيها: اختفاء 3 مستوطنين في خليل الرحمن في الضفة المحتلة. كيف حصلت العملية؟ هل توجد عملية أسر أصلا؟! من المنفذ؟ أين الأسرى، في الضفة، أم في غزة، أم جرى تهريبهم إلى مناطق في الأردن كما ادعت مصادر أمنية إسرائيلية؟!! كيف نفذت المجموعة المسلحة المفترضة العملية بهذه الدقة وانسحبت وما هي طرق تمويهها؟! ولماذا لم يتم العثور على دليل يقود إلى الجهة المنفذة؟؟!
بكل الأحوال، إن مجرد إشغال الكيان الإسرائيلي كل هذه الفترة هو انتصار معنوي، فكل هذا الكم الهائل من التصريحات التي "ترغي وتزبد"، تتوعد ولا تجد قدرة على تنفيذ تهديداتها.. اجتماعات متلاحقة.. اتصالات مستمرة.. ومداهمات.. تشديدات وحواجز، إغلاق طرق، قصف بالطائرات لأهداف في غزة.. والنتيجة: لا معلومات حتى اللحظة عن الأسرى، أو الآسرين!! يُعبر بلا أدنى شك عن حالة التخبط من جهة، وفقدان زمام المبادرة من جهة أخرى.
يقول محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" "رون بن نيشال" "المؤشرات كافة تدل على أن هذه العملية عملية على خلفية قومية، وما يؤكد هذا هو فقدان الاتصال بالجنود الثلاثة في آن واحد، فضلاً عن اشتعال السيارة التي كانت تُقلٌّهم بالقرب من قرية دورا في مدينة الخليل".
وأشار المحلل إلى أن التحذيرات في أوساط الجيش حول وقوع عملية اختطاف قد زادت في الأيام الأخيرة، وذلك بعد قضاء أكثر من 50 يوماً على إضراب الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام.
وزعم المحلل "نيشال" بأن كافة المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها حركة فتح وحماس والجهاد الإسلامي تعمل جاهدة على خطف جنود إسرائيليين...
وحول عمل الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع، لفت المحلل العسكري إلى أنها كانت قد اكتسبت الخبرة اللازمة من أجل القيام بتنفيذ مثل تلك العمليات، وكذلك لديهم الخبرة في طرق تعامل الشاباك وأجهزة الأمن الإسرائيلية مع هذه العمليات الأمر الذي سيجعل لهم القدرة العالية في تمويه آثار الخطف بمهارة عالية.
إن حصول عملية الأسر هو فشل إستخباري إسرائيلي، سيما أنها نُفذت في منطقة قريبة من مستوطنة "غوش عتصيون"، أي "تحت أعين أجهزة الأمن الإسرائيلية والمستوطنين المسلحين" الذين لم يستطيعوا إحباط "عملية الخطف الجارية".
ولم تكتشف هذه الأجهزة الأمنية خيطاً رفيعاً يقودها إلى معرفة المنفذين، أو مكان الأسرى، وهذا يعني فشل مزدوج، بحيث أن هذه الأجهزة الأمنية التي تتبجح بتفوقها وقدراتها، لم تستطع قبل عملية الأسر اكتشاف المحاولات المستمرة لفترات من الزمن للهدف وللمكان الذي حصلت فيه العملية.
في العموم، ما جرى في الخليل من عملية أسر لجنود مستوطنين ـ إن كان الأمر هكذا ـ يؤكد على قدرة وحيوية المقاومة الفلسطينية وتصميمها على المواجهة ونصرة الأسرى.. ويشير إلى الفشل الاستخباري الإسرائيلي.. وأن هذا الصراع مستمر ولا بد للشعب الفلسطيني أن ينتصر فيه.