لست أدري ما الذي يريده محمود عباس على وجه الدقة؟! ولست أدري هل يمثل في موقفه وتصريحاته حركة فتح بدقة باعتباره رئيسها المنتخب ، أم يمثل نفسه ولا يمثل مكونات حركة فتح؟! إن ما قاله مؤخراً في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي هو الأخطر في أقواله ومواقفه على الإطلاق. هو الأخطر ليس لأنه لم يقله من قبل، بل لأنه قاله في هذا المحفل الإسلامي الذي بني مجده ووجوده على قاعدة الدفاع عن فلسطين والقدس، والدفاع عن الإسلام والمسلمين.
موجز ما قاله محمود عباس: ( التنسيق الأمني مع اسرائيل ليس عارًا؟! إنه مصلحة وطنية فلسطينية؟! وإنه وقع على التنسيق الأمني في عهد محمد مرسي؟! وهاجم عملية الخليل، وقال من فعلها يريد تدميرنا، وسنعمل على إعادة المخطوفين، ونحاسب الخاطفين؟!( أقوال الرئيس موجودة على صفحات وكالات الأنباء).
بالأمس القريب قال عباس أمام مجموعة إسرائيلية: إن التنسيق الأمني مقدس؟! وساعتها قبَّل الفتى الإسرائيلي فتاته من فمها أمام عباس احتفاء بما سمع؟! ويومها قال بعض من تعودوا على تقليد( النعام) : إن هذه رسالة للإسرائيليين، وليست لنا كفلسطينيين!! وهنا أسأل عن رسالته في هذا المحفل الإسلامي فأقول: لمن يوجه عباس رسالته أيها النعام؟!
حماس وغيرها من فصائل المقاومة لا ترضى عن هذا التجديف السياسي، وبالذات حين يكون من فوق هذا المنبر الإسلامي المحترم، الذي يمثل العمق الإسلامي العربي للقضية الفلسطينية، ولكن حالة عدم الرضا هذه لاذت بالصمت؟! هل هو صمت الذهول، أم صمت الخوف على ورقة المصالحة؟
أم هو صمت اللحظة بسبب ما يجري في الضفة من استباحة شبه كاملة؟! لذا أترك الفصائل وأتوجه بالسؤال إلى حركة فتح، قائلا : هل أنتم راضون عن موقف الرئيس وتصريحاته؟! هل هذه التصريحات تمثلكم وتمثل موقفكم؟! هل قررتم ما قرره الرئيس في منظمة التعاون الإسلامي؟!.
قصة الخليل رواية ما زالت بصوت الشاباك الإسرائيلي ، ولا يوجد صوت آخر للرواية، الأمر الذي ألقى بالشك فيها، حتى عند كبار المحللين الإسرائيليين ، والضفة تستباح على قاعدة تطهير استراتيجي، وحين يزعم عباس أن قصة الخليل ويسميها( اختطافا؟! ) تدمرنا ؟! يعني أنه قبل بالرواية الإسرائيلية، وأنه يدافع عن الإجراءات الإسرائيلية الانتقامية، وكأنه يطلب أيضا من منظمة التعاون تفهم الموقف الإسرائيلي؟!.
هل هذه هي القيادة التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة من مراحل نضاله من أجل حقوقه المشروعة؟! هل هذه هي القيادة المؤهلة لقيادة حكومة التوافق، وبناء مشاركة وطنية لحماية ثوابت الشعب الفلسطيني؟!
هل هذه هي القيادة التي تعبر عن الأسرى ، والشهداء، والمقاومين، ونخب المجتمع الفلسطيني من علماء ومثقفين، وأطباء، ومهندسين ومعلمين، ونقابات، وقادة مجتمع مدني وخلافه؟!.
أما كان بوسع الرئيس أن يتحدث عن القدس والاستيطان، وعن المسئولية العربية والإسلامية لدعم حكومة التوافق في هذا المحفل المحترم، وأن يتجمل بالصمت في بقية الموضوعات المثيرة للجدل ( كعار التنسيق الأمني؟!). كان في الصمت ملجأ وخيار، ولكن الرئيس أبى، وحمّل فتح ما لا تحتمل، والأسوأ أننا لم نسمع من الوفود العربية من ينتقد أو يرفض قول الرئيس؟!.