المكتب الإعلامي – وكالات
يبدو أن دولة الاحتلال الصهيوني تسعى إلى إدامة حالة الاضطراب في قطاع غزة، من خلال استمرار انتهاكاتها التي لم تتوقف رغم توقيعها اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة في السادس والعشرين من أغسطس 2014، بعد حرب استمرت 51 يوماً.
وتسعى حكومة الاحتلال لإدامة هذه الحالة من أجل تحقيق غايات ومكاسب انتخابية، ولكن على أي حال لن تدفع هذه الاعتداءات المنطقة لحرب جديدة- وفق محللين سياسيين.
ووثقت الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية عشرات الحوادث حول انتهاكات جيش الاحتلال الصهيوني للتهدئة المعلنة، وذلك عقب العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة صيف 2014، والذي راح ضحيته 2,147 شهيدا و10,870 جريحًا.
جاء ذلك في تقرير شامل أصدرته المنظمة الحقوقية بعد مرور أربعة أشهر على "توقيع تفاهمات وقف إطلاق النار بين الطرفين الفلسطيني والاحتلال الصهيوني ", في 26 آب (أغسطس) 2014.
ورصدت (162) حادثة انتهاك للتهدئة، منها (108) انتهاكات بحق الصيادين الفلسطينيين، كان منها (53) حادثة إطلاق نار على الصيادين وقواربهم، أدت إلى إصابة (11) صيادا، و(9) حوادث مطاردة للقوارب، أدت إلى اعتقال (31) صيادا في عرض البحر، و(16) حادثة احتجاز ومصادرة لقوارب الصيادين، فيما بلغت عدد حوادث إغراق وتدمير وإحراق القوارب (12) حادثة، وكانت حوادث منع الصيادين من الإبحار (7) حوادث.
وفي السياق ذاته، وثقت المنظمة (8) حوادث لعمليات تجريف وتوغل للآليات العسكرية الصهيونية في أراضي المواطنين تركزت معظمها شرق مدينة خانيونس، إضافة إلى توثيقها (29) حادثة إطلاق نار على المزارعين والأراضي الزراعية خاصة في شمال القطاع، أدت لإصابة مُزارِعَين بجراح.
إلى جانب ذلك وثَّقت المنظمة قيام قوات الاحتلال الصهيوني بإطلاق النار على المواطنين على حدود القطاع أدت لإصابة (7) مواطنين، و(5) حوادث إطلاق نار على صيادي الطيور شمال قطاع غزة، أدت لإصابة صياد واحد بجروح متوسطة، وحادثتي قتل على الحدود الشرقية للقطاع.
لا رغبة بالتصعيد
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، د. مخيمر أبو سعدة، يرى أن هذه الانتهاكات تعبر عن رغبة صهيونية في عدم إدامة حالة الاستقرار في غزة، وخلق حالة من الخوف والرعب والاضطراب في نفوس المواطنين، وإشعار المواطنين بأن المقاومة لم تنجز أي شيء خلال المعركة الأخيرة.
وقال أبو سعدة: "إطلاق النار بشكل دائم على الصيادين والمزارعين، يشير بشكل واضح إلى أن الاحتلال الصهيوني لا يرغب بعودة المزارعين للمناطق الحدودية، كما لا يريد السماح للصيادين بالصيد وفقاً للمسافة التي تم تحديدها خلال مفاوضات وقف إطلاق النار".
وأكد أن هذه المناوشات التي تقوم بها (إسرائيل) قد تُشعل مواجهة جديدة مع (إسرائيل)، "ولكن ليس الآن، لأنه يبدو لا أحد معني بالعودة للتصعيد في الوقت الراهن".
وأوضح أبو سعدة أن الاحتلال الصهيوني يريد المماطلة في أبسط بنود وشروط المقاومة لوقف إطلاق النار والتي تتعلق بالصيد والزراعة، لإيصال رسالة أن الموافقة على شروط كبيرة كالميناء والمطار لن يكون سهلاً أو ربما لن يكون.
وشدد على ضرورة أن تعمل مصر التي رعت اتفاق التهدئة على إلزام الاحتلال ببنود الاتفاق، "ولكن يبدو أن (إسرائيل) لا تحترم مصر كراعٍ لذلك يجب على مصر تولي مسئولياتها والضغط على الاحتلال بالشكل المناسب".
وتابع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر: "يجب ألا يكون سوء العلاقة بين مصر وحركة حماس سبباً في عدم الزام الاحتلال باتفاق التهدئة، لأن خرق هذا الاتفاق يعني استهداف الفلسطينيين وجر المنطقة لحرب أخرى".
غايات صهيونية
من جانبه، يؤكد المتخصص في الشأن الصهيوني ، انطوان شلحت، أن تصعيد الأوضاع الميدانية في قطاع غزة، رغم وجود اتفاق تهدئة بين المقاومة ودولة الاحتلال، يعود إلى رغبة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لكسب جولة جديدة من الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس القادم.
وقال شلحت: "من الضروري أن نفهم أن هناك حالة طردية بين تصاعد الانتهاكات في جبهة غزة، وبين كسب الأصوات في الانتخابات، فكلما أثبت نتنياهو أنه قادر على التصدي وعدم الالتزام بشروط المقاومة حصد أصواتاً أكثر في معركته الانتخابية".
وأضاف: "نتنياهو الآن في خضم معركة حامية الوطيس ضد ائتلاف تسيبي ليفني التي تحاول السيطرة على معظم أصوات الناخبين، من خلال إظهار عجز نتنياهو خلال المعركة الأخيرة ضد غزة، وعدم قدرته في مواجهة المقاومين الذين استطاعوا تكبيده خسائر كبيرة للغاية".
وعلى صعيد آخر، يرى شلحت أن اتفاق وقف إطلاق النار كان فاقداً للقوة بسبب وجود عدة عوامل أضعفته، من بينها عدم وجود راعٍ قوي للاتفاق يصطف إلى جوار المقاومة مثلما كان الحال في معركة عام 2012 عندما انحاز الرئيس المصري محمد مرسي بشكل واضح تجاه غزة.
ولفت النظر إلى أن الأمور من الممكن أن تذهب نحو اشتباك محدود في المناطق الحدودية بسبب تكرار الانتهاكات الصهيونية، "ولكن هذا الاشتباك لن يتطور لحرب صواريخ واستهداف شخصيات وزانة بين صفوف المقاومة".
وأرجع المتخصص في الشأن الصهيوني وجهة نظره تلك إلى اعتقاده بأن (إسرائيل) وكذلك فصائل المقاومة غير معنية بجر المنطقة لمواجهة جديدة، مشيراً إلى أن الطرفين لديهما أسبابهما الكافية لجعلهما يحجمان عن عدم تصعيد الأمور.
وتابع شلحت: "(إسرائيل) الآن في مواجهة دبلوماسية في الساحات الدولية ولا تريد إظهار المزيد من جرائمها لتأليب الرأي العام الدولي عليها، فيما المقاومة الفلسطينية لا ترغب بهذا التصعيد في الوقت الذي لا تزال جراح غزة غير ملتئمة وعشرات آلاف العائلات نازحة من مساكنها بسبب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب".
المصدر/ الاستقلال