أثارت عملية أمجد سكري قرب معبر “بيت إيل” وقبلها عدة عمليات قاتلة استخدم فيها المنفذون سلاحا ناريا في تنفيذها مخاوف مسؤولي الاحتلال وقادة أجهزته الأمنية من تحول الانتفاضة الجارية لانتفاضة مسلحة ومنها إلى انتفاضة استشهاديين.
هذا السيناريو لا يزل يشغل عقول المسؤولين الذين لم يجدوا حتى الآن حلا لهذه العمليات وغيرها من عمليات الطعن والدهس للشهر الرابع على التوالي.
هذه العمليات دفعت قوات الاحتلال لفرض حظرا على دخول وخروج الفلسطينيين على مداخل رام الله ومخارجها أمس الاثنين في رسالة موجهة للسلطة الفلسطينية بسبب مشاركة ضابط في أجهزتها الأمنية في هجوم على جنود إسرائيليين على معبر مخصص لعبور الشخصيات الاعتبارية في السلطة الفلسطينية.
وأشارت المصادر الصحفية العبرية أن هذه الإغلاق جاءت كرد لعدة حوادث إطلاق النار وقعت في المنطقة مؤخرا.
تنسيق بأعلى المستويات
صحيفة “معاريف” نقلت من جهتها عن وزير جيش الاحتلال “موشيه يعالون” قوله: “إن موجة العمليات الحالية الفلسطينية لن تنتهي قريبا، رغم أن إسرائيل ستنتصر عليها في النهاية”، بحسب زعمه.
وقال يعالون: “إن أجهزة الأمن الفلسطيني “تنكرت” للعملية التي نفذها أحد أفراد الشرطة الفلسطينية قبل يومين “لأن هذه الأجهزة تساعد إسرائيل في إحباط العمليات الفلسطينية بنسبة 20%” بينما يحبط الجيش الإسرائيلي 80% من العمليات، وهذا ما يمنع منظمات مسلحة مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسعى لإشعال الوضع في الضفة الغربية من إخراج عملياتها إلى حيز التنفيذ، وفق تعبير الصحيفة ذاتها.
وأفادت معاريف -نقلا عن معطيات إحصائية أوردتها منظمة “نجمة داود الحمراء” الإسرائيلية- بأن العمليات الفلسطينية التي اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي قتل فيها ثلاثون إسرائيليا وأصيب أكثر من ثلاثمئة آخرين عبر 91 عملية رشق بالحجارة و83 عملية طعن و22 عملية دعس بالسيارات و15 هجوما ناريا.
وأضاف يعلون: “هذه ليست سياسة الفلسطينيين، ولكن بالتأكيد نحن نطالبهم بتقديم تفسيرات وتفتيش موظفي الأمن الوقائي وحاملي الأسلحة لديهم”.
نوذج جديد للعمليات
كما ونقلت الصحيفة عن قائد سلاح البحرية الإسرائيلي السابق الجنرال “أليعازر ماروم” قوله: “إن المرحلة القادمة من موجة العمليات الفلسطينية ستكون الانتفاضة المسلحة في ضوء تدهور الوضع الأمني بالأراضي الفلسطينية، مطالبا باتخاذ خطوات أمنية عاجلة”.
وأضاف ماروم أن “هناك معطيات ميدانية تؤكد أننا ذاهبون إلى خيار الانتفاضة المسلحة، أبرزها نموذج منفذ العملية الأخيرة فهو رجل أمن فلسطيني ومتزوج ولديه أربعة أطفال، وهو لا يشبه النماذج التقليدية التي نفذت عشرات العمليات خلال الأشهر الماضية”.
وتابع “مثل هذه العملية قد تشجع عناصر أمن فلسطينيين آخرين على توجيه أسلحتهم نحو الإسرائيليين، وإن تزايد عمليات إطلاق النار الفلسطينية قد يؤدي إلى ارتفاع أعداد القتلى والمصابين من الجانبين”.
وقال: “هذه العمليات كفيلة بإحداث تدهور كارثي للوضع الأمني كما حصل إبان الانتفاضة الثانية عند اللحظة التي بدأ فيها عناصر الأمن الفلسطيني توجيه أسلحتهم نحو أهداف إسرائيلية”.
نقمة على الأمن الفلسطيني
الكاتب والمحلل السياسي بصحيفة “إسرائيل اليوم” الإسرائيلية “دانيئيل سريوتي” قال من جهته: “إن أحدا لم يفاجئ من العملية التي نفذها الشرطي سكري قرب رام الله، رغم أن أوساط الأجهزة الأمنية الفلسطينية نظرت إلى العملية بخطورة بالغة لكونها الثانية من نوعها التي ينفذها ضابط فلسطيني يرتدي زيا رسميا خلال عدة أشهر”.
وتحدث سريوتي أن هذه العملية جاءت في وقت ينظر فيه الشارع الفلسطيني إلى أفراد الأمن على أنهم متعاونون مع إسرائيل بصورة واضحة، وهناك عدة أسباب لهذا الاعتقاد الفلسطيني السائد في ضوء التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى مناطق الاحتكاك والحواجز العسكرية الصهيونية وخوض المواجهات مع الجنود وتنفيذ العمليات.
وأوضح سريوتي أن عملية بيت إيل التي نفذها الشرطي الفلسطيني لن تكون الأخيرة التي ينفذها أحد أفراد الأمن الفلسطيني.
وفي سياق متصل أعلن جيش الاحتلال تخفيف قيود الخروج والدخول إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، والتي فرضت في أعقاب تنفيذ عملية إطلاق نار تسببت في إصابة ثلاثة جنود صهاينة.
وأغلق الجيش مدينة رام الله يوم الأحد، بعد إقدام الشرطي الفلسطيني أمجد سكري على إطلاق النار تجاه قوة صهيونيةعلى حاجز بيت إيل العسكري شمال المدينة، قبل أن تقتله قوات الاحتلال.
وقرر جيش الاحتلال فرض قيود على الدخول والخروج من مدينة رام الله في الضفة الغربية للمرة الأولى منذ بداية اندلاع المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الأمن الصهيوني مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.