حفصة مصطفى
على الرغم من كم الثناء الشخصي الذي حاز عليه صادق خان بعد فوزه بمنصب عمدة لندن، وهو الفوز الذي وصف بالتاريخي وجذب اهتماماً كبيراً للرجل، إلا أن القرارات التي بدأ باتخاذها الرجل تظهر جانبا آخر لشخصيته.
وبمجرد أن أعلن ترشيحه لأول مرة في أيلول الماضي، أصر صادق خان على أن حملته وما يترتب عليها يرتكز على ما يهم لندن، وأشار إلى أن القضايا الدولية مثل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لا تملك أي ميزة في برنامجه الانتخابي.
وبعد أسبوع من اختياره كمرشح لحزب العمال، لخص صادق خان خطته لتولي منصب عمدة لندن لصحيفة “ديلي ميل” عبر خطة لدعم مهرجان مناصر لـ”تل أبيب”، وتعهد خلال خطته بمعارضة مخططات ونشاطات الحركة الدولية لمقاطعة “إسرائيل” (BDS).
بل ذكر خان أيضاً أن محاولات جيريمي كوريين للتحاور مع المنظمات الفلسطينية واللبنانية مثل حماس وحزب الله من شأنه ان يحول لندن إلى هدف محتمل للإرهابيين، واتضح ما يقصده بشكل صريح عندما قال إنه يرفض الانجرار إلى الشؤون الخارجية، مصراً على رفضه بالاعتراف بالرواية الفلسطينية فيما يخص أحداث المنطقة.
ويبدو أن اتجاهه لدعم الرواية الإسرائيلية يجعل الحياة أكثر أماناً لعمدة لندن القادم. بينما في الوقت نفسه أصبح خطاب خان موضع انقسام متزايد بين المسلمين في لندن.
صادق، صديق “إسرائيل”
خلال الفترة التي سبقت الانتخابات، أكد صادق خان للتجمع اليهودي أن التزامه تجاه “إسرائيل” لا يمكن الطعن به. رغم ورود بيان ينسب لعدد من يهود لندن – لا يمكن التأكد من صحته- أشار إلى عدم اهتمام اليهود في لندن بمسألة دعم “إسرائيل” أو شرعية إقامتها لدولتها على أراضي 1967 بما يخالف قرارات الأمم المتحدة.
وفي حين تدعي المنظمات الصهيونية أن دعم “إسرائيل” هو أمر جامع لكل اليهود، فإن الواقع يشير إلى عدم التزام أعضاء هذه المنظمات بالدعم المطلق لـ”إسرائيل”، بل إن كثيراً منهم يعارضون السياسات الاستعمارية.
لكن صادق خان كان طموحاً للغاية، وحاول مغازلة التكتل اليهودي رغم قلة عدده، وكان اللوبي المؤيد لـ”إسرائيل” جزءا أساسيا من حملته الانتخابية، وفق ما استنتجه خان بعد فحصه للمؤسسات البريطانية.
وبالتالي، عمل خان وفق استراتيجية وحقيقة ان قلة عدد اليهود واللوبي الاسرائيلي في لندن لا يعني أبداً ان هذا اللوبي لا يملك تأثيراً على أجندة السياسة البريطانية، بل أثبت اللوبي تأثيراً كبيراً على مؤسسات العمل البريطاني المختلفة. وأشارت بعض المؤسسات اليهودية إلى نيتها تقدم 250 ألف يهودي في بريطانيا على أنهم موالين لـ”إسرائيل”.
لم يتوانَ خان عن ذكر مهنة والده خلال حملته الانتخابية، وذكر كثيراً أن مهنته كسائق لا تعد أمراً سيئاً بالنسبة له، وزعم كثيراً انتماءه للطبقة العاملة وأنه ترعرع بين أحضانها، ولكن حينما تمت دعوته لحدث متعلق بإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية تجاهل الدعوة تماماً وكأنها لم تكن.
وزاد الأمر حدة حينما رد على سؤال أحد المذيعين التلفزيونيين، حين سأله عن سبب تجاهله لفعاليات احياء ذكرى النكبة في الوقت الذي شارك به في فعاليات احياء ذكرى الهولوكوست، ليجيب بشكل غريب متسائلأً عن سبب الربط بين ذكرى المحرقة والنكبة وهل هما مرتبطات بالأصل، على حد سؤاله.
وفي الوقت الذي ساهمت بريطانيا فيه بشكل كبير بإحلال نكبة فلسطين، يأتي عمدة مسلم لمدينة لندن ليتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني ويتساءل عن العلاقة بين قتل الفلسطينيين وتشريدهم وسرقة منازلهم، والاستمرار بالتسبب بأذاهم حتى يومنا هذا والقيم التي يسميها معاداة للسامية في لندن.
هل لأحد ان يجيبه عن كل هذه الاسئلة؟!