أجمع المحللون العسكريون الصهاينة أن عملية إطلاق النار التي وقعت امس في تل أبيب شكلت تحد قوي لوزير حرب الاحتلال الجديد “أفيغدور ليبرمان”، قبل أن يكون صفعة لنظريات الأمن الصهيوني التي لطالما تغنى بها قادة الاحتلال منذ فترة الهدوء النسبي التي أفضت إليه وانخفاض عدد العمليات الفدائية.
وأكد المحللون على أن ليبرمان لم يقرأ بعد ما حذر منه بعض المتابعين والمحللين العسكريين خلال الأيام القليلة الماضية بأن الأوضاع تتجه نحو التصعيد وأن عملية كبرى مثل عملية تل أبيب بالأمس كفيلة لأن تحول الأوضاع إلى منحى آخر أكثر خطورة وصعوبة على الصهاينة.
كما وأكد المحللون الصهاينة بأن هذه العملية خرجت كرسالة أرد أهل الخليل إيصالها للصهاينة بأن “الانتفاضة ولدت هنا، ومن هنا يعاد إحيائها من جديد”.
من جهتها قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: “إن الشابين جاءا للمكان وفي أيديهما خطة معدة سلفا لتنفيذ الهجوم، حيث كان بحوزتهما كافة تفاصيل المكان، وقد قاما مسبقا بدراسة معالمه، الأمر الذي اوقع عدة قتلى وعدد كبير من الجرحى”.
وافتتحت الصحيفة تقريرا لها صباح اليوم بالقول إنه “وفي تمام الساعة 21:04: دخل اثنين من المسلحين مرتدين بدلا رسمية ويحمل كل منهما حقيبة فاخرة وجلسوا على إحدى الطاولات بالقرب من مدخل المطعم وأخذوا يختارون ضحاياهم بأعصاب باردة، ثم دعوا النادل أن يجلب لهما شراب الشوكولاتة مع القشدة، ثم لم يلبثا بعد أن شربا شرابهما حتى فتحوا النار على كل من كان داخل المطعم، وحولوا المكان لساحة قتال”.
وقالت الصحيفة: “إن إطلاق النار من قبل الشابين كان عشوائيا، وأصاب جميع من كان بداخل المطعم بالهلع، حتى أن بعضهم اختبئوا داخل ثلاجات المطعم خوفا من ان يصيبهم الرصاص.
وتذكر الصحيفة أن الشابين المنفذين للعملية وهم أبناء عمومة وقد أعلن قبل أيام عن اختفائهما من منزلي عائلتيهما، بحسب ما أخبرت به الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الخليل.
وتنقل الصحيفة عن الأجهزة الأمنية الفلسطينية قولها: “إنها لم تشك في نواياهم بتنفيذ عملية، لأن فترة غيابهما كانت منذ وقت قصير، وأن الأجهزة الأمنية اعتبرت غيابهما يندرج في سياق الشكاوي اليومية التي تصلها حول اختفاء أشخاص ما يلبثوا أن يعودوا لمنازلهم أو يكون قد اعتقلوا لدى قوات الاحتلال.
وفي ذات السياق قال المحلل العسكري في الصحيفة “أليكس فيشمان”: “عملية الأمس تثبت أن موجة العمليات كما تطلق عليها القيادة الصهيونية، أو باسمها الآخر، الانتفاضة الثالثة، ما زالت حاضرة وبقوة”.
وأكد فيشمان على أن العمليات الفلسطينية مستمرة، رغم الانخفاض في أعدادها مطلع العام الجاري، وأضاف “أن هذه العمليات قد تتحول إلى نوعية وخطيرة أكثر، يلجأ فيها منفذو العملية إلى الأسلحة النارية بدل السكاكين”.
ويزعم “فيشمان” أن “العملية جاءت نتيجة التحريض عبر وسائل الإعلام الفلسطينية، إلى جانب ظاهرة “المقيمين غير القانونيين”، الذين يدخلون “إسرائيل” دون تصريح. وأضاف أن هذه الظاهرة لا يمكن حصرها، وقد أثبتت أنها لها علاقة بالعمليات، لا سيما أن معظم منفذي العمليات ينتمون إلى هذه الفئة. وقال فيشمن إنه يجب على قوات الأمن أن تقوم بمجهود أكبر لكي تحصر الظاهرة وتسيطر عليها.
من جهته اعتبر المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” العبرية، “عاموس هاريئيل”، أن الحديث الصهيوني المستمر منذ عدة أسابيع بأن أجهزة الاحتلال الأمنية تمكنت من خفض نسبة العمليات خلال الشهرين الماضيين منح الصهاينة شعورا بأن الهبة انتهت.
وقال: “عملية تل أبيب جاءت لتقول لنا إن الأمر مختلف تماما، وأن ما تبنته الأجهزة الامنية من أقوال ادعت فيها أنها وجدت حلا لعمليات الفلسطينيين ليست دقيقة”.
وأضاف، “هذه العملية تشير إلى أن الأسلوب الذي اعتمدته أجهزة أمن الاحتلال خلال الفترة الماضية للحد من وقوع عمليات جديدة، لم يكتمل”.
وأشار هرئيل إلى أن وقوع العملية في الأيام الأولى من رمضان، يؤكد ما تم التوصل إليه أكثر من مرة في الماضي، بوجود رابط بين شهر رمضان واشتداد الهجمات.
وحذر هرئيل من تقليد هذه العملية من قبل النشطاء الفلسطينيين على اعتبار أنها عملية نجاحة بكل المقاييس وافتخر الفلسطينيون بها، ووزعوا الحلوى احتفالا بها.
من جهة أخرى ذكر موقع “والا” الإخباري العبري أن اعتقال أحد منفذ عملية إطلاق النار في تل أبيب، منع حدوث كارثة، حيث أنه كان يخطط لاحتجاز رهائن.
ونقل الموقع عن أمنية صهيونية أن أحد المنفذين حاول الهرب بعد أن أطلق النار في المطعم، واتجه إلى الشارع المحاذي وحاول دخول أحد المباني السكنية، قبل أن يتم اعتقاله، وبحسب تقديرات الشرطة، فقد حاول دخول المبنى لاقتحام إحدى شققه واحتجاز رهائن، الأمر الذي كان قد يسبب خسارة أكبر بالأرواح.
كما ونقلت وسائل إعلام عبرية عن وزير حرب الاحتلال “أفيغدور ليبرمان” من مكان العملية قوله: “لن أفصح عن الخطوات التي سنتخذها رداً على العملية ولكن الأكيد هو أننا لن نكتفي بالأقوال”.