عام على جريمة إحراق عائلة دوابشة، وهاهو الفصل الباقي من المأساة أحمد يعود إلى قريته “دوما”، لكن لن يجد حضن أمه ولا قبلات والده بانتظاره، ولن يجد أيضا ألعابه ولا شقيقه الصغير علي نائما في سريره، ولا حتى منزله الذي ولد فيه، فكل ذلك ذهب بلا رجعة على أيدي مجموعة من المستوطنين بمباركة المستويين العسكري والسياسي في دولة الاحتلال.
وغادر أحمد مستشفى “تل هاشومير” ظهر اليوم الجمعة، بعد رحلة علاج استمرت قرابة العام، لكن سيكون عليه العودة مرة كل أسبوع إلى المستشفى لمتابعة علاجه، كما يقول جده حسين دوابشة.
يقول أحمد للأخصائية النفسية بالمستشفى ، إن والديه ذهبا إلى الجنة، لكن جده يقول إن الطفل لم يستوعب في هذا العمر بعد حجم المصيبة التي حلت به، والتي يحاول هو مع بقية أفراد أسرته أن يغطوها جاهدين، دون أن ينكروا على الأقل أمام أنفسهم أن غياب الأم والأب لا يمكن أن يعوضه أحد.
وقبل ثلاثة أيام احتفلت العائلة مع أحمد في بعيد ميلاده السادس، وهي الآن تستعد لتسجيله في المدرسة ليبدأ حياته التعليمية، لكن ذلك لن يكون في ظروف طبيعية كما بقية الأطفال في جيله، إذ قررت العائلة اختيار مدرسة خصوصية لتولي مهمة تعليمه في المنزل، بسبب وضعه الخاص.
ويقول حسين دوابشة إن حفيده مازال بحاجة للعلاج التجميلي من آثار الإصابة التي مازالت واضحة في أذنه وظهره ويده، مضيفا، “كل الجروح تندمل إلا جرح أحمد، كل ما كبر سنه اتسع جرحه وزادت آلامه”.
ويتابع، “حتى إزالة آثار الحروق لن تنسِ أحمد مصيبته، غدا سيشاهد زملاءه في المدرسة يحتفلون مع أمهاتهم وآبائهم في حفلات النجاح وأعياد ميلادهم وفي جميع المناسبات، أما هو فلن يجد أمه ولا والده إلى جواره”.
ورغم مرور عام على الجريمة، إلا أن سلطات الاحتلال لم تعاقب أيا من القتلة الذين ارتكبوا الجريمة، خلافا لما تفعل بحق أي فلسطيني تعتقله بتهمة تنفيذ عملية فدائية، بل إنها أطلقت مؤخرا سراح متهم أساسي بارتكاب الجريمة بدعوى أنه قاصر، كما أفرجت قبل ذلك عن آخرين بدعوى أنهم لم يتورطوا في الجريمة.
ويعلق دوابشة قائلا، إنه عاش عاما شديد الصعوبة في ظل آلام حفيده، واضطراره من حين لآخر إلى التوجه لمحاكم الاحتلال ليشاهد بنفسه قتلة ابنه وكنته وحفيده وهم ينجون تدريجيا من العقاب، إذ أبلغته سلطات الاحتلال في نهاية الأمر بأن مرتكب الجريمة شخص واحد فقط.
ويضيف، “لا أثق بقضائهم ولا شرطتهم، ولا يمكن أن جريمة مثل هذه يرتكبها شخص واحد فقط، هذا غير معقول”.
وقبل أشهر، أحرق مستوطنون منزل الشاهد الرئيسي على الجريمة بحق عائلة دوابشة، ولم تحرك سلطات الاحتلال ساكنا، رغم مطالبات جهات دولية وحقوقية بضرورة إلقاء القبض على المجرمين وتقديمهم للمحاكمة.
وكان مستوطنون أحرقوا بتاريخ 13/تموز/2015 منزل عائلة سعد دوابشة في دوما تحت جنح الظلام، ما أدى لاستشهاد الرضيع علي فورا، وإصابة سعد وزوجته المعلمة رهام دوابشة، إضافة لطفلهما أحمد، قبل أن يستشهد الأب والأم متأثرين بإصابتهما، وينجو الطفل أحمد بعد أن بقيت آثار حروق على جسده.