في الشهر المنصرم نشرت الصحف السعودية عددًا من المقالات الأكثر شذوذًا، والتي انتقدت بشدة الخطاب المعادي لليهودية في المجتمع العربي والإسلامي، ودعت إلى الكف عن الإقصاء اللاسامي فيما يخص اليهود، وزُعم في هذه المقالات أن آيات القرآن التي تستنكر على اليهود وردت فقط بشأن مجموعة من اليهود بعينها وفي فترة زمنية محددة ولم تتحدث عن مجمل اليهود، وأن الحقد الأعمى على اليهود أينما كانوا منع المسلمين والعرب من أن يتعلموا من تجربة اليهود ومن تقدمهم.
يشار إلى أن هذه المقالات الشاذة التي خرجت عن التعاطي اللاسامي مع اليهود نشرت في ظل نقاش متنامٍ في السعودية حول مسألة التطبيع مع إسرائيل؛ هذا النقاش احتدم إثر زيارة وفد سعودي في يوليو 2016 برئاسة أنور عشقي، الجنرال السعودي المتقاعد ورئيس مركز الشرق الأوسط للبحوث السياسية، للضفة الغربية وإسرائيل ونشر صورة لأعضاء الوفد برفقة سياسيين إسرائيليين. عشقي بالتالي أشار إلى انه "يمثل نفسه فقط" وأن "الجهات الرسمية في السعودية لم تعرف مسبقًا بشأن الزيارة، لأنها كانت زيارة شخصية"، وأن الزيارة كانت بدعوة من السلطة الفلسطينية، غير انه اوضح أن "المملكة لا تمنع أحدًا من القيام بزيارة من هذا النوع"، كما انه لم يستبعد التعاون الاستخباراتي غير المباشر بين إسرائيل والسعودية في مجال محاربة الإرهاب.
الزيارة - التي اعتبرت كخطوة سعودية نحو التطبيع مع إسرائيل - أثارت انتقادات شديدة داخل السعودية وخارجها، على مواقع التواصل الاجتماعي كتبت عدة هاشتاجات (وسوم) تستنكر الزيارة، من بينها #سعوديون_ضد_التطبيع، على ما يبدو في أعقاب الزيارة تخلت وزارة الخارجية السعودية عن عشقي، وزعمت ان "أشخاصًا مثل أنور عشقي لا تمثلنا، ولا علاقة لهم بأي جهة حكومية، وانهم لا يعكسون موقف الحكومة السعودية".
رغم تنصل النظام السعودي من زيارة عشقي لإسرائيل ونفيه ان الحديث يدور عن بوادر تطبيع مع إسرائيل؛ ربما يكون نشر هذه المقالات ضد اللاسامية في الصحافة السعودية - وسيما في هذا التوقيت - ليس عرضيًا، وأن هدفه البدء في تهيئة الرأي العام السعودي لعملية تطبيع مع إسرائيل.